قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت السادس 6 بقلم احمد عصام أبوقايد

قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت السادس 6 بقلم احمد عصام أبوقايد



اللعنة العتيقة :

_____________


مر كل شئ في لحظات معدودة ، الرؤي والأصوات وتحذيرات إلياس...

وأغلقت البوابة بعد أن تخطاها أحمد من تلقاء نفسها ، ليبدأ خطوات جديدة في تلك اللعنة التي لا تنتهي !

وفي المدينة القديمة علي الجانب الأخر من البوابة كان الهواء ثقيل ثقل الصخور على صدر أحمد.

 كل شيء حوله بدا غريبًا… كأنه في مكان لا ينتمي إليه، لكن وفي نفس الوقت، كان يشعر أن هذا هو المكان الذي يجب أن يكون فيه!

وعلي الرغم من ذلك فالمدينة لم تكن مجرد أطلال فحسب، بل كانت أشبه بفخ منصوب بعناية.

وقت غير مناسب بالمرة لعدم وجود إلياس وليث بجانبه الأن!!

فالمكان يبدو وكأنه يحمل شيئًا أخطر مما قد يتوقع .

لكن لا مجال للتراجع أو الندم الأن ..

فجأة ..

رأي أحمد أشبه ما يكون بشهاب ساقط من السماء بسرعة رهيبة..

هروب أحمد ليبتعد قدر الإمكان عن موضع سقوطه و....

وسقط الشهاب ..!!

سقط في سكون بلا أي صوت أو أثر إنفجار!!

سقط مخلفا مفاجأة شعر معها أحمد ببعض الإطمئنان في هذا الوقت بالتحديد..!

فقد كان الشهاب هو إلياس!

سار إلياس نحوه بحذر... عينيه تمسحان كل زاوية، كل ظل متحرك…

ليقترب منه أحمد أيضا وهو يقول في لهفة :

" أنت وصلت أزاي هنا؟!"

فرد الياس دون أن ينظر إليه قائلا :

"أضطريت أدفع ثمن تهورك يا أحمد عشان أعرف أمر معاك من البوابة"..

شعر أحمد بالإحراج من إلياس فرد معتذرا وقال :

" اسف يا إلياس انا ماكنتش متحكم في نفسي ولقيت نفسي بمر رغم عن إرادتي..وانت ماكنتش مضطر تدفع اي ثمن عشان تيجي ورايا و..."

فقاطعه إلياس بنظرة غاضبة قبل أن يقول بلهجة حاسمة :

" أحمد كل خطوة لازم تكون محسوبة كويس ماينفعش التهور في القرارات،وماينفعش تواجه كل اللي جاي لوحدك لأنك مش هتقدر لوحدك علي المواجهة دي .. فاهم؟!"

وقبل أن يرد أحمد شعر بشيء غريب ..

وكأن عينًا خفية تراقبهم… 

أو ربما أكثر من عين.

وقبل أن ينطق أحدهما، جاء الصوت…

"إلياس… أحمد؟"

تجمد كلاهما. 

فالصوت كان مألوفًا…

أنثويًا، مرتجفًا لكنه قوي. التفت أحمد بسرعة، وقلبه يكاد يقفز من صدره.

وهناك… 

عند مدخل أحد الأزقة الضيقة، وقفت سارة !

بوجه كان شاحبًا، وملابس ممزقة، وكأنها مرت بسنوات من العذاب. 

عيناها كانتا مرهقتين، لكن بداخلهما كان هناك مزيج غريب من الخوف والارتياح.

 وكأنها لم تصدق أنها تراهما الأن .

"إنتي… إنتي عايشة؟!" صرخ بها أحمد، بصوت خرج مخنوقًا من الصدمة وهو يهرول نحوها !

لم يستطع التوقف، ركض نحوها كأن العالم كله أصبح نقطة واحدة عند قدميها.

لكن وقبل أن يصل إليها، أمسك به إلياس بقوة وقال :

"استنى!"

لكن أحمد لم يكن مستعدًا للتوقف. 

أفلت من قبضة إلياس ووصل إلى سارة، واحتضنها بقوة، وكأنه كان يخشى أنها مجرد وهم قد يختفي في أي لحظة.

كانت أنفاسها متقطعة، يدها الباردة تمسكت به، كأنها كانت في كابوس وأخيرًا استيقظت منه.

" كنتي فين ؟ إزاي لسه عايشة؟! فين يحيى؟!"

تساؤلات نطق بها أحمد في آن واحد...

رفعت سارة رأسها ببطء، عيناها كانتا ممتلئتين بشيء غريب… 

شيء يشبه الرعب المكتوم. 

بدا وكأن الكلمات كانت عالقة في حلقها، ثم وبصوت بالكاد يُسمع همست قائلة :

"يحيى… مش زي ما كنا فاكرينه."

شعر أحمد بقشعريرة باردة تسري في جسده. 

شيء في الطريقة التي نطقت بها سارة الجملة جعله يشعر أن الحقيقة التي سيكتشفها قد تكون أكثر رعبًا مما قد يتخيل.

فشدّ إلياس قبضته على سلاحه،وتحفز جسده بالكامل، وكأنه شعر بالخطر القادم.

"إيه اللي تقصديه؟!" سألها أحمد بصوت كان مزيجًا ما بين القلق والرعب.

لم ترد سارة فورًا، وكأنها كانت تحاول العثور على الكلمات المناسبة، لكن وقبل أن تنطق، اهتزت الأرض من تحتهم جميعا .

المدينة نفسها بدت وكأنها تتحرك… 

أو ربما شيء ما كان يتحرك بداخلها.

سحب إلياس أحمد للخلف، بينما الظلام في الزقاق الذي خرجت منه سارة بدأ يزداد كثافة… 

وكأن شيئًا كان يخرج منه.


"إحنا مش لوحدنا هنا…" تمتم بها إلياس بصوت منخفض.

شعر أحمد بشيء خلفه…

 كأن أنفاسًا باردة تلامس رقبته. 

التفت بسرعة، لكن لم يكن هناك شيء… 

لا شيء سوى ظلال تتراقص على الجدران.

ثم…

خرج الصوت.

صوت لم يكن بشريًا… 

صوت أجوف، مشحون بطاقة شريرة.

"كنتم تعتقدون أنكم فهمتم اللعنة… لكنكم لم تروا شيئًا بعد."

المدينة كلها ارتجت مع الصوت..

الهواء في المدينة أصبح أثقل… 

وكأن الجدران نفسها كانت تتنفس، تتفاعل مع وجودهم. زاد إرتجاج الأرض تحت أقدامهم ، وكأن شيئًا ضخمًا كان يستيقظ من سبات طويل.

أمسك إلياس بسلاحه بقوة، بينما سارة وقفت في المنتصف، جسدها يرتجف لكنها لم تتراجع. 

كانت نظرتها معلقة على الظلال التي بدأت تتكاثف أمامهم.

ثم… 

خرج شيء من العتمة.

في البداية، لم يكن سوى شكل غامض، لكنه بدأ يتضح.

كائن طويل، جسده كأنه مكون من الظلام نفسه، ملامحه غير واضحة، لكن العيون… 

العيون كانت حفراً عميقة من السواد، تتوهج في قلبها نقاط حمراء خافتة. 

عندما تحرك، لم يكن هناك صوت… 

كأن الهواء نفسه رفض أن يعلن عن قدومه.

وقف الكائن على بعد خطوات منهم، ثم جاء صوته…

 صوت بشع أشبه بتمزق الواقع نفسه يقول :

"أخيرًا… اجتمعتم."

إرتجف أحمد رعبا ، لكن إلياس كان الأسرع في رد الفعل. 

فرفع سلاحه استعدادًا للهجوم، لكن الكائن لم يتحرك !

بل كان يراقبهم، كأنه ينتظر شيئًا آخر !

ثم...

وبصوت منخفض مفعم بالرعب والرهبة همست سارة قائلة :

"ما تعملش كده… مش هينفع معاه اللي هتعمله دا."

لم يخفّض إلياس سلاحه، لكنه استدار لها وقال بصوت متوتر:

 "إنتي تعرفيه؟"

لم تجبه سارة فورًا، بل رفعت عينيها إلى ذلك الكائن ، وكأنها كانت تحاول التأكد من شيء ما وقبل أن تنطق 

 تحرك الكائن نحوهم ، بخطوات كانت كفيلة لجعل الأرض ترتعش من تحت أقدامهم ثم قال:

"أنتم دخلتم أرضًا لا تعود منها الأرواح… 

والآن، ستعرفون ثمن ذلك."

وفي اللحظة التالية...

تحطم الهواء من حولهم.

المدينة بأكملها انشقت، كأنها كانت مجرد وهم، وبدأوا يسقطون…

لكنهم هذه المرة لم يسقطوا علي الأرض !

بل إلى الفراغ.

لحظات مرت وكأنها سنون...

كان الصمت يسيطر على المكان...

فقط أنفاسهم اللاهثة كانت تكسر السكون. 

نظر أحمد إلى سارة، التي كانت تقف أمامه بعينين تحملان يقينًا غريبًا، وكأنها تعلم كل شيء منذ البداية.

وإلياس الذي كان يراقبها بشك قال بحدة : 

"سارة... إنتِ عارفة حاجات ومخبياها علينا... صح؟ ومين اللي قالك كل ده؟"

سارة تنهدت، كأنها كانت تتوقع هذا السؤال فقالت:

 "مش وقت الأسئلة دي، إحنا لازم نتحرك قبل ما يكون فات الأوان. 

المدينة دي مش هتفضل آمنة لوقت طويل."

أحمد لم يستطع تجاهل الأمر، كان يشعر بأن هناك شيء في نظرتها جعله يبوح بأنها تحمل سراً أكبر مما تظهره فقال :

 "سارة... إحنا هنا بندور على الحقيقة، لو عندك أي حاجة تساعدنا، لازم نعرفها دلوقتي."

لكن وقبل أن ترد سارة اهتزت الأرض من تحتهم مرة آخرى، وكأن القدر يرفض أن يجيب عن أي تساؤل قد يوضح الحقيقة !!

وصوت أشبه بصرخة مكتومة انطلق من أعماق المدينة المهجورة، كأنها تئن تحت وطأة شيء قديم..

شيء قد أستيقظ للتو ..

فاستل إلياس سلاحه واستدار بسرعة..

ومن وسط الظلال، ظهر كيان طويل، جسده محاط بعباءة داكنة، وعيناه كانتا تتوهجان بلون فضي مرعب. 

بصوت مرعب عميق قال: "كنتم تعتقدون أنكم اقتربتم من الحقيقة؟! ، هراء .. أنتم فقط على أعتابها."

شعر أحمد بقبضة الخوف تلتف حول قلبه قبل أن يقول :

 "إنت مين؟"

 تقدم أحمد بخطوة ورفع يده مشيرًا إلى سارة وهو يقول :

 " السؤال الحقيقي من تكون هي؟ ولماذا وصلت قبلكم إلى هذه المدينة؟"

سارة لم تتحرك، لم تظهر على ملامحها أي علامة خوف أو مفاجأة. 

فقط نظرت إليه وقالت بصوت ثابت: "إنت مارد الظل ... مش كده؟"

 ابتسم الكيان ، بابتسامة لم تكن ودودة وقال :

"وأنتِ... تحملين سرًا أكبر مما يظنون. 

حان الوقت لتختاروا ،إما أن تعرفوا الحقيقة كاملة،أو تغادروا قبل أن أدمركم جميعا ."



                البارت السابع من هنا 

    لقراءة جميع حلقات القصه من هنا 

تعليقات