قصة الشخصية المحذوفة البارت السادس 6 بقلم احمد عصام أبوقايد


قصة الشخصية المحذوفة البارت السادس 6 بقلم احمد عصام أبوقايد


إعادة الكتابة
____________

الألم كان لا يُحتمل.
لم يكن مجرد قلم يلامس جلده، بل كأنه يمزقه ويعيد تشكيله في نفس الوقت.!!
كان أحمد يحاول أن يتحرك..
 أن يهرب...
 لكن جسده لم يعد يستجيب له كما كان.
 وكأن هناك يدًا خفية تتحكم فيه، تُجبره على البقاء ساكنًا بينما الظل يكتب عليه.
"إحنا ما بنموتش يا أحمد… إحنا بنتكتب من جديد."
الصوت خرج من الظل، باردًا، قاسيًا.

حينها شعر أحمد أن كيانه نفسه يتغير..
 ذكرياته تتلاشى، وأخرى جديدة تتسلل إلى عقله.

رأى صورًا لم يعشها من قبل…
 أماكن لم يزرها…
 وجوهًا لا يعرفها، لكنها كانت تعرفه.
ثم… 
توقف كل شئ بتوقف القلم.!

الظل ابتعد، بينما سقط أحمد على الأرض، أنفاسه متقطعة.

"دلوقتي… دورك تكمل."

رفع أحمد عينيه بصعوبة إلى المكتب أمامه، فوجد دفترًا مفتوحًا، فارغًا…

لكنه عرف الحقيقة.
فهم ما حدث له للتو !!
هذه لم تكن مجرد صفحة فارغة.
كانت حياته الجديدة… وعليه أن يكتبها بنفسه.!
كان أحمد  ينظر  في الدفتر المفتوح أمامه.
كان أبيض…
 فارغًا…
 لكنه لم يكن كذلك حقًا.!
لأنه كلما نظر أكثر، بدأ يرى الحروف تتشكل وحدها، تنبض على الصفحة، كأنها تُكتب من العدم.!
ثم بدء في قراءة ما يتشكل أمامه من كلمات.

"استيقظ أحمد أمام المكتب، يحدق في الدفتر الفارغ، لكنه لم يكن فارغًا حقًا.
 لأنه كلما نظر أكثر، بدأت الحروف تتشكل وحدها، تنبض على الصفحة، كأنها تُكتب من العدم."..!!

شعر أحمد بأن جسده تجمد.
فهذه ليست مجرد جملة قد كتبت فحسب … لكنها لحظته الحالية تُكتب أمامه.!
كان يقرأ ما يحدث له، لحظة بلحظة، قبل أن يحدث بثوانٍ.!

ثم… 
بدأ القلم في التحرك وحده.!

خط جديد تشكل أسفل النص، كأنه يكتب المستقبل.!

"ثم… أمسك أحمد بالقلم وبدأ يكتب، غير مدرك أن كل كلمة يخطها لن تكون مجرد خيال… بل حقيقة."
حينها رأي أحمد يده،تتحرك رغمًا عنه، لتمسك بالقلم… وتبدأ في الكتابة.!
القلم تحرك وحده.
حاول أحمد مقاومته، لكن أصابعه تشبثت به كأنها لم تعد ملكه.
وبدأ يكتب…
 الكلمات انسكبت على الورقة دون إرادته، ولم يكن هذا هو الجزء الأسوأ في الأمر !

فقد كان الأسوأ هو أن كل ما يكتبه… كان يحدث أمامه فورًا.!
"انفتح الباب ببطء، وظهر منه رجل بلا ملامح."

وفي نفس اللحظة، الباب الخشبي في نهاية الغرفة أصدر صريرًا بطيئًا… وانفتح.
وظهر الرجل.!!
كان طويلاً…
 صامتًا…
 ووجهه فارغًا تمامًا.. 
وكأن الجلد قد تم شده فوق عظامه بدون عينين أو فم.

شهق أحمد من شدة الرعب ، لكنه لم يستطع التوقف.
وظل القلم  يواصل الكتابة.
"الرجل بدأ يقترب، خطواته لم تكن مسموعة، لكنه كان يزداد قربًا في كل لحظة."
فتحرك الرجل .
كان يقترب...
يقترب ...
يقترب ...
حاول أحمد أن يرمي القلم بسرعة وعيناه معلقتين بذلك المسخ الذي يقترب منه، لكن أصابعه كانت مشدودة عليه كأنها ممغنطة.!

ثم رأى الجملة التالية تتشكل وحدها على الورقة.

"أحمد لم يكن يعلم أن الشخصية التالية التي سيكتبها… ستكون نهايته." !!
حينها كان الرجل بلا ملامح  أمام أحمد  بالضبط .

لم يكن مجرد خيال أو وهم… 
كان حقيقة...
حقيقة مشوهة، صامتة، لكنها كانت تنظر إليه رغم عدم وجود عيون...
كان أحمد يلهث، قلبه يخفق بعنف، لكنه لم يستطع التوقف عن الكتابة.!!

"مدّ الرجل يده الباردة، ولمس كتف أحمد."

شعر بأصابع من جليد تحرق جلده، بالرغم من برودتها.!
كل شيء كان يحدث كما هو مكتوب، وكأن العالم بأكمله أصبح مجرد صفحة في دفتر!!
وأحمد لم يعد الكاتب… بل مجرد شخصية أخرى.!
 فجأة، خطرت له فكرة...

إذا كان كل ما يكتبه يتحقق… فلماذا لا يكتب نجاته؟!
قبض أحمد على القلم ...
وبدأ يكتب بسرعة...
 خطه كان متعرجًا لكنه كان واضحًا.

" نظر أحمد إلى الرجل، ثم همس بكلمة جعلته يختفي إلى الأبد."

رفع رأسه، وعرقه يتصبب منه بغزارة، وحدق في الكيان المرعب أمامه...
ثم فتح فمه، وقال بصوت مرتجف:
"اختفِ."!

لثانية… لم يحدث شيء.!

ثم…فجأة 
 بدأت ملامح الرجل تتلاشى!!
 جلده يتشقق كأن النار تلتهمه من الداخل..!
وجسده يتكسر إلى فتات من الظلام، حتى تلاشى تمامًا، تاركًا وراءه صمتًا خانقًا.

شهق أحمد ، ورمى القلم أخيرًا من يده..
 شعر وكأنه أخيرا قد استعاد السيطرة على جسده.

فجأة !!
و قبل أن يلتقط أحمد أنفاسه، نظر إلى الورقة.

رأى آخر جملة كُتبت وحدها دون أن يمسك القلم:

"ظنّ أحمد أنه نجا… لكنه لم يكن يعلم أن هذه ليست الصفحة الأخيرة."

ثم… انقلبت الصفحة وحدها.!!
شعر أحمد بأنفاسه تتسارع...
وعيناه تتابعان الكلمات التي بدأت تتشكل تلقائيًا على الصفحة الجديدة.
" جلس أحمد في مكانه، يحدق في الدفتر، غير مدرك أن الصفحة القادمة ستغير كل شيء."
كلمات جديدة تشكلت علي الصفحة حاول أن يبعد نظره عنها ...
حاول أن يكسر هذه الحلقة المفرغة التي تتكرر وتتكرر...
 لكن هناك شيء أقوى منه جعله يقرأ..!

"لأن الصفحة التالية… ليست مجرد ورقة."

عقله لم يستوعب الجملة الجديدة التي تشكلت حتى بدأت الأوراق في التحرك.
الدفتر كله انفتح بسرعة مرعبة، صفحاته تنقلب كإعصار ورقي، الحبر ينزف منها كدماء، والجمل تُعيد كتابة نفسها بلا توقف.

ثم وفجأة…
 توقف كل شيء ...
الا أنه كانت هناك صفحة جديدة، مختلفة عن باقي الصفحات...
 لونها لم يكن أبيض… بل كان أسود حالك، كأنها بوابة إلى فراغ لا نهاية له..!
وفي منتصفها، كتب بخط أحمر قانٍ، سطر واحد فقط:
"اكتب اسمك… وستخرج."
شعر أحمد بجسده يقشعر.. 
كان هذا فخًا، لكنه كان أيضًا الخيار الوحيد.. هكذا كان قلبه وعقله يخبرانه!!

فنظر إلى القلم الملقى على الأرض… وسأل نفسه هل يكتب؟ 
أم أن هناك مخرجًا آخر لا يراه؟
لكن وقبل أن يقرر، بدأ شيء في التحرك داخل الصفحة السوداء.!!
شيء يحاول الخروج.

الصفحة السوداء لم تكن مجرد ورقة.

كانت بوابة…
أو نافذة…
 أو ربما فمًا ينتظر أن يبتلع من يحدق فيه طويلًا.!

تجمد أحمد في مكانه، يراقب الظل الذي بدأ يتسرّب من الصفحة..
كان يتحرك مثل دخان كثيف، لكنه لم يكن يتبدد…
 بل...!
 كان يتجسد.!
حينها بدأ أحمد يسمع همسات مرعبة تطالبه من جديد 
"اكتب اسمك… وستخرج."
الصوت هذه المرة لم يكن صوتا واحدًا، بل آلاف الأصوات تتحدث معًا.!!
بعضها يصرخ..
 بعضها يضحك..
 وبعضها يبكي..

لكن الأسوأ…
وللأسف..!!
 كان الصوت الأخير..
صوت يعرفه جيدًا.!!

التفت خلفه بسرعة، لكن الغرفة كانت فارغة، ومع ذلك، الهمس لم يتوقف..
نظر إلى القلم مرة أخرى. كان يعرف أن هذا فخ، لكن… 
ماذا لو كان السبيل الوحيد للخروج؟

ماذا لو كان محبوسًا داخل القصة نفسها، والطريقة الوحيدة للتحرر… 
هي أن يكتب اسمه؟!

مد يده المرتجفة نحو القلم، لكن قبل أن يمسكه، انطلقت صرخة أعلي من داخل الصفحة السوداء.

صرخة إلياس.!!

ثم ظهر وجهه… مشوهًا، محترقًا، يحدق به من داخل الفراغ الأسود، وفتح فمه قائلاً:
"ماتكتبش اسمك يا أحمد! ده مش باب… ده قبر!






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رواية مسك الليل كامله جميع الحلقات من الأول حتى الاخير بقلم هايدى الصعيدى

رواية غفران العاصى كامله جميع الحلقات من الأول حتى الاخير بقلم لولا

رواية مسك الليل الفصل الثاني عشر 12بقلم هايدى الصعيدى