قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت الرابع عشر 14 بقلم احمد عصام أبوقايد

قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت الرابع عشر 14 بقلم احمد عصام أبوقايد
المفتاح والمصير
_________________
لم يكن هناك وقت للاستيعاب.
لم يكن هناك وقت للهروب.
كل شيء بدأ يتلاشى من حولهم، والكيان العملاق ظل يحدّق بهم وكأنه ينتظر منهم خطوة. شعر أحمد أن جسده ينجذب نحو ذلك الكيان المظلم ، ليس كأنه يتحرك بإرادته، بل كأن قوة خفية كانت تجرّه قسرًا !
"أحمد! ... امسك إيدي بسرعة !"
قالها يحيى وهو يمد يده نحوه، لكن قبل أن يتمكن أحمد من الإمساك بيده ، انبعثت موجة من الطاقة السوداء فصلته عن الجميع !
صرخت سارة، وحاول إلياس المقاومة...
لكن بلا جدوى…
أحمد كان يُسحب نحو العرش العظمي... نحو ذلك الكيان الذي كان ينتظره بصبر.
"أنتَ… وُجدتَ لهذا."
قالها الكيان بصوت كان كالصدى الذي يهز أركان الوجود نفسه.
لم يفهم أحمد … أو ربما كان يرفض أن يفهم.
"أنا مستحيل أكون جزء من اللعنة دي !" صرخ بها أحمد ، لكنه شعر فجأة بشيء يتغلغل داخله، شيء كان نائمًا طوال هذا الوقت، شيء كان بداخله منذ اللحظة التي دخل فيها هذا العالم !
ذاكرته بدأت تتلاعب…
بدأت تظهر له مشاهد لم يعشها من قبل ...
لكن عقله أخبره أنها حقيقية !
رأى نفسه يقف أمام بوابة عملاقة، ممسكًا بشيء غريب…
مفتاح من العظام، ينبض بالحياة !
رأى العالم وهو ينهار أمامه...
والكيانات القديمة تراقبه، تنتظر قراره.
رأى نفسه وهو يتحول…
ليس إلى وحش، ولكن إلى شيء آخر، شيء يفوق كل ما رآه في هذا المكان !
"الاختيار لك الأن ."
كانت هذه آخر الكلمات التي سمعها قبل أن يجد نفسه جاثيًا على ركبتيه، أمام العرش، والمفتاح…
كان في يده بالفعل !
لم يدرك أحمد متى صار المفتاح في يده، ولم يكن يعرف كيف كان حيًّا في يده !
فقد كان ذلك المفتاح ينبض وكأنه قطعة من كيان قديم !
شيء يفوق الزمن نفسه.
لكنه شعر به...
شعر بقوته...
شعر بالمسؤولية التي ألقيت على كاهله منذ اللحظة التي وطأت فيها قدمه هذا العالم الغريب !
"أحمد!"
صرخة صرخها يحيى شقت الفراغ.
كان يحيى وسارة وإلياس واقفين على بعد أمتار منه فقط ، لكنهم محاطين بحاجز غير مرئي، وكأن العالم كله يُبعدهم عنه.
"لا تستخدمه!"
صرخت بها سارة وعيناها تمتلئان بالخوف والرجاء معًا.
لكن الكيان على العرش لم يكن ينظر إليهم، بل كان يحدق في أحمد، وكأنه يرى فيه كل شيء كان يبحث عنه.
"لقد وصلنا للحظة الحاسمة…"
قالها الكيان بصوت واثق محملا بصخب آلاف الأرواح.
اعتدل في جلسته علي العرش العظمي ثم عاد ليقول :
"إما أن تفتح البوابة الأن … أو تدفن هذا العالم للأبد."
حينها لم يكن أحمد بحاجة للسؤال عن العواقب. فقد كان يعرفها جيدا …
إذا استخدم المفتاح، سيفتح الباب بين العوالم، سيسمح لما هو أقدم وأخطر من كل شيء أن يعود.
لكن إذا لم يفعل…
حينهل نظر إلى أصدقائه.
يحيى كان مستعدًا للمخاطرة بحياته من أجله. سارة كانت خائفة، لكنها لم تفقد إيمانها به. إلياس…
إلياس كان ينظر إليه نظرة غريبة، وكأنه يعرف ما سيحدث بالفعل.
"أنا… مش هعمل كدا."
قالها أحمد بصوت كان ثابتًا رغم الفوضى داخله. "أنا مش لعبة في أيدك ومش هسمح أكون كدا أبدا… أنا قراري هو اللي هيحدد كل حاجة."
نظر إلى المفتاح مرة أخيرة، ثم رفع رأسه ونظر للكيان مباشرة وقال :
"أنا اخترت."
ثم، دون تردد، كسر المفتاح بيده !
صرخة عظيمة انطلقت من العرش، وكأن الكون نفسه كان يعاني من ألم لا نهائي.
الأرض اهتزت، الظلام تمزق، والجدران التي كانت تحبسهم بدأت تنهار!
لكن أحمد لم يكن خائفًا.
ولأول مرة منذ وصوله هنا… شعر بأنه حر.
عندما انكسر المفتاح،انبعث نور هائل...
نور مزق الظلام الذي كان يحيط بالمكان.
العرش ارتجف، والكيان الذي كان يجلس عليه أطلق صرخة لم تكن مجرد صوت… بل كانت كأنها تمزق نسيج الواقع نفسه.
"أحمـــــــد!"
صرخت بها سارة وهي تحاول الوصول إليه، لكن حاجزًا غير مرئي كان لا يزال يفصلهم عنه.
يحيى ضرب ذلك الحاجز بقبضته، لكنه لم يتأثر. و إلياس الذي كان يراقب المشهد بصمت، رفع يده أخيرًا، ورسم ببطء علامة في الهواء…
ثم همس بشيء لم يسمعه أحد.
وفجأة...
الحاجز تلاشى، وألقى بهم جميعًا وسط العاصفة.
سقط أحمد على ركبتيه وهو يشعر بقوة غريبة تسري في جسده.
اما الكيان فكان ينهار، جسده يتلاشى في الفراغ، لكنه لم يستسلم بعد !!
"أنت… لا تفهم…"
قالها الكيان بصوت كان مشوهًا، يخرج من كل اتجاه.
"ظننتَ أنك حطمت القيد، لكنك… فقط… بدأت النهاية أيها الأحمق !"
ومع آخر كلمته انفتح شق هائل في السماء…
لم يكن مجرد شق، بل كان شيئًا أكبر…
كان يبدو وكأن العالم كله كان ينهار، كاشفا عن طبقة أخرى من الحقيقة خلفه.
لحظات وبدأ مشهد آخر أكثر رعبا !!
فقد بدأت كائنات غريبة في الخروج من ذلك الشق!
كائنات لم يكن لهم شكل واضح، فقط ظلال تتحرك بطريقة غير طبيعية، كانت عيونهم حمراء، بلا ملامح، فقط ثقوب من الظلام الخالص.
"يا إلهي…"
تمتمت بها سارة في رعب ، وهي تتراجع خطوة إلى الخلف.
"أحمد…"
قالها إلياس بصوت هادئ وهو يراقب تلك الكائنات ثم عاد ليكمل حديثه قائلا :
"أنت اللي فتحت الباب… وأنت بس اللي تعرف تقفله."
نظر أحمد إلى الشق، ثم إلى المفتاح المكسور بين أصابعه ثم إلى الكيان الذي رغم ضعفه، كان يضحك !
"اخترت أن تكسر المفتاح…"
همس بها الكيان وهو يختفي ببطء
"لكن الأبواب القديمة… لا تُغلق بهذه السهولة... لن تستطيع الهرب الآن "
واختفى تماما !!
اختفى الكيان ، لكن صدى كلماته بقي معلقًا في الهواء، يرنّ داخل عقل أحمد كجرس إنذار لا يتوقف.
" الأبواب القديمة… لا تُغلق بهذه السهولة... لن تستطيع الهرب الآن "
الأرض تحتهم بدأت تهتز، الشق في السماء اتسع، والكائنات التي تسربت منه بدأت تقترب منهم وهي تتحرك بانسيابية مرعبة، وكأنها تسبح في بحر غير مرئي.
"إحنا لازم نقفل الشق ده فورًا!"
صاحت سارة، وهي تتراجع بخوف.
يحيى وعيناه مثبتتين على أحمد قال :
"إزاي؟ المفتاح مكسور!"
إلياس ظل صامتًا، وهو يحدق في أحمد بتركيز غريب ثم قال بصوت خافت:
" المفتاح المكسور مش هو هيقفل الباب… أحمد هو المفتاح الحقيقي."
صمت قاتل ساد بينهم للحظات قبل أن يتمتم أحمد وهو غير مستوعب لما قاله للتو :
"إيه؟"
لم يكن هناك وقت للشرح.
فالكائنات تحركت بسرعة، أحدها اندفع نحوهم، وعندما لامس الأرض، تحولت تلك البقعة إلى فراغ أسود، كأنها محيت من الوجود !
"أحمــــد!!"
صرخت بها سارة، لكن قبل أن تتمكن من التحرك، ظهر حاجز غير مرئي مرة آخرى وحاصر أحمد داخل دائرة متوهجة من الضوء الأزرق !
ثم و دون سابق إنذار، بدأ جسده يتوهج هو الآخر.
فشعر حينها بحرارة غريبة تسري في عروقه، كأن روحه نفسها تحترق.
لم يكن يتحكم في جسده بعد الآن…
كان شيئًا آخر يتحرك داخله، قوة أقدم من هذا المكان، أقدم حتى من اللعنة نفسها !
الكيانات توقفت، كأنها شعرت بتلك القوة.
بعضها بدأ يتراجع، وبعضها الآخر أطلق صيحات حادة كأنها تأوهات من عالم آخر !
"إلياس…"
همس بها يحيى ثم عاد ليقول :
"إيه اللي بيحصل؟"
إلياس لم يرد، لكن نظراته كانت واضحة…
كان يبدو عليه أنه يعرف كل شئ .
وفجأة وبدون أي تحذير، رفع أحمد يده.
وفي لحظة، انبعث منه وميض شديد، ثم…
اغلق الشق.
لكن الظلام… لم يختفِ !
تعليقات
إرسال تعليق