قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت الاول 1 بقلم احمد عصام أبوقايد

قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت الاول 1 بقلم احمد عصام أبوقايد 


مقدمة السلسلة :

________________

الظلام ليس مجرد غياب للنور، بل قد يكون كيانًا حيًا، ينتظر اللحظة المناسبة ليبتلع كل شيء.

 حين ظن أحمد أنه هرب، وحين صدّق للحظة أن كل شيء انتهى... 

كان ذلك هو الفخ الأكبر.

لا أحد ينجو من اللعنة، لأنها ليست مجرد لعنة. 

إنها حرب أقدم مما يتخيله عقل بشري، صراع بين وجودين متناقضين، وكان أحمد، منذ البداية، هو المفتاح...

 البوابة التي لم يكن من المفترض أن تُفتح أبدًا.

الآن .. وهو عالق في مكانٍ يتحدى كل قوانين الواقع، يدرك الحقيقة القاسية: 

(الماضي لم يكن إلا تمهيدًا... والقادم هو الجحيم الحقيقي.)

لأن اللعنة عندما تختارك لا تمنحك فرصة النجاة ، بل تمنحك دورًا في لعبة لا رابح فيها.

                         **************

البداية من جديد :

__________________


كان الظلام كثيفًا…

 لكنه لم يكن مجرد غياب للضوء، بل حضور طاغٍ، كأن الفراغ ذاته يحدق فيه.

فتح أحمد عينيه ببطء، أنفاسه متقطعة، وكأن روحه تسحب من جسده ببطء.

 شعر ببرودة الجدران من حوله، تلك الجدران التي يعرفها جيدًا… 

جدران الغرفة 7 !

حاول أن يتحرك، لكن الهواء من حوله كان ثقيلًا، كأنه يجبره على البقاء مكانه. 

لا يعرف كم من الوقت مر عليه هنا، لكن إحساسًا داخليًا كان يخبره أن الواقع الذي يعرفه لم يعد موجودًا !


وفجأة...

 انبعث الصوت مجددا !

"كنت مستنيك يا أحمد."

جحظت عينا أحمد وهو يرى ذلك الرجل الجالس على الكرسي المتحرك أمامه.

 كان د. ماهر، لكن ليس كما يتذكره…

 عظام وجهه بارزة، عيناه غائرتان كأنهما تحملان أعباء قرون كاملة.


"د… د. ماهر؟" تمتم بها أحمد، وصوته كان بالكاد يخرج من حلقه.

ابتسم الرجل ببطء، وقال بصوت يحمل رنة حزن عميقة: "ما توقعتش إنك هتوصل لحد هنا بنفسك، بس خلاص… اللعبة بقت أوضح دلوقتي."

شعر أحمد برعشة تسري في جسده، لم يكن يعرف إن كانت بسبب الخوف أم بسبب شيء آخر.

وأستطرد قائلا "لعبة؟ إيه اللي بيحصل؟ أنا كنت في المستشفى، وبعدين… المرآة… الكتاب…"

 كأنه يحاول تذكر قطع الأحجية المتناثرة.

أومأ د. ماهر ببطء، ثم أشار بيده الضعيفة نحو الجدار المقابل، حيث بدأت تظهر عليه رموز غريبة، كأنها تُنحت من العدم وقال :

"أنت مش هنا صدفة يا أحمد. أنت كنت هنا قبل كده من زمان، يمكن حتى قبل ما تتولد."


ارتجف جسد أحمد، وعاد إليه وميض من الذكريات المبعثرة…

 صراخ… 

أصوات هامسة…

 يد تُمسك به وسط الظلام… لكنه لم يستطع الإمساك بأي من تلك الذكريات.

"أنا مش فاهم حاجة يا د. ماهر، إنت بتقول إني كنت هنا قبل كده؟ إزاي؟" هكذا قالها أحمد

تنهد الرجل ببطء، وكأن إجابته ستُثقل الهواء أكثر مما هو عليه ثم قال :

 "مش مهم دلوقتي تفهم كل حاجة، المهم تعرف إنك مش مجرد ضحية للعنة دي… أنت البوابة يا أحمد."

سرت قشعريرة في جسد أحمد، لم يكن متأكدًا مما يعنيه ذلك، لكن داخله كان يخبره أن الأمور لم تعد كما كانت أبدًا.

ثم، بدأ الظلام يتحرك…

لم يكن ذلك الظلام كما كان من قبل... 

لم يكن مجرد غياب للضوء، بل كان كيانًا حيًا، يتحرك ويتنفس، يتسلل إلى داخل العظام.

فتح أحمد عينيه، لكنه لم يرَ شيئًا. 

فقط فراغ لا نهائي يحيط به. قلبه ينبض بجنون، والمكان من حوله يهمس بأصوات غير مفهومة. 

كانت الكلمات تتكرر، بذلك الصوت الهامس ،تتداخل، وكأنها تأتي من ملايين الحناجر في آنٍ واحد!

"البوابة فُتحت... أحمد هو المفتاح... العالم القديم سيعود..."

حاول أن يتحرك، لكنه شعر وكأن شيئًا يمسكه.

 ليست أيادٍ، بل قوة خفية، كما لو كان الهواء نفسه أصبح حائطًا غير مرئي!

ثم، وفي وسط هذا الفراغ، بدأ شيء في التكون.

كان ضوءًا خافتًا في البداية، ثم اتسع تدريجيًا ليكشف عن ممر طويل، جدرانه مغطاة بنقوش قديمة، تتحرك كأنها تروي قصة.

خطوات بطيئة ترددت في الممر.

أحمد لم يكن وحده.

خرجت من الظلام يدٌ نحيلة، أصابعها طويلة بشكل غير طبيعي، تتلوى كما لو كانت تكتب كلمات غير مرئية في الهواء.

ثم ظهر الوجه !

إلياس...

لكن هذه المرة، لم يكن كما رآه من قبل.

 لم يكن ذلك الكيان ذو الابتسامة الغامضة، بل كان أكبر، وأكثر وضوحًا، وعيناه تحملان معرفة بشكل مرعب!

"أحمد... جه وقت تعرف الحقيقة كلها."

لم يكن صوته كالسابق، بل كان أعمق، وأكثر سلطة.

ثم، بلمسة واحدة من يده، تغير كل شيء...

تحولت الجدران إلى مرايا، انعكاسات لا حصر لها لنسخ مختلفة من أحمد... 

بعضها كان مألوفًا، وبعضها بدا كما لو أنه لم يعشه قط !

"أنت مش مجرد ضحية للعنة يا أحمد... أنت البوابة نفسها."

يا لتلك الجملة التي تكررت ولا يفهم ماذا تعني هكذا فكر أحمد وهو يشعر بقشعريرة تسري في جسده، لكنه أجبر نفسه على المواجهة.

"إلياس... انت مين بالظبط؟"

ابتسم إلياس، لكنها لم تكن مجرد ابتسامة عادية، بل كانت ابتسامة كيان يعرف أكثر مما يجب ثم قال :

"أنا الحارس، وأنت المفتاح.. ودي مجرد البداية."

ثم، فجأة، انطفأ كل شيء.

وعاد الظلام من جديد.

وفي وسط الظلام الذي بدا كأنه حيّ، كان أحمد يقف متجمّدًا أمام إلياس، الذي بدا مختلفًا هذه المرة...

 لم يكن ذلك الصوت الذي اعتاد سماعه في عقله فقط ، بل كان شابًا يافعًا، بملامح حادة وعينين تضجّان بأسرار لا تنتمي لهذا العالم !

"لازم نتحرك، الوقت بيخلص."

كلمات إلياس لم تكن مجرد أمر، بل كانت إنذارًا.

شعر أحمد بشيء يتحرك في الظل خلفه، كأن الجدران نفسها تتنفس.

"وقت إيه؟ أنا مش فاهم حاجة!" تمتم بها أحمد في توتر..

لم يجبه إلياس ، بل أشار بيده. وفجأة...

 الجدران نفسها تشققت، وكأن العالم يتفسّخ من حوله، ليكشف عن ممر طويل، تتراقص في نهايته أضواء شاحبة.

"البوابة هتتقفل قريب، ولو قفلت… كلنا هنفضل هنا للأبد." قالها إلياس وهو يحذر أحمد..

أحمد لم يكن بحاجة إلى المزيد من الإقناع.

 بدأ يتحرك بجوار إلياس، لكن خطواته كانت ثقيلة، كأن الهواء من حوله أصبح أكثر كثافة.

"إحنا فين؟ وإيه اللي بيحصل؟"

لكن إلياس لم يلتفت إليه ، لكنه قال بصوت خافت: 

"العالم اللي إحنا فيه… مش مجرد مكان.

 دي ساحة معركة، وأنت كنت المفروض تكون مجرد جندي فيها."

توقف أحمد ، وعيناه اتسعتا برعب قائلا : 

"مجرد جندي؟ جندي أيه و حرب مين؟"

إلياس استدار أخيرًا، ونظر إليه نظرة حملت مزيجًا من الحزن والغموض وقال :

"بين اللي عملوا اللعنة… وبين اللي حاولوا يمنعوها."

في تلك اللحظة بالضبط ، بدأ الظلام يزحف مجددًا، وأصوات الهمسات عادت، لكنها لم تكن همسات هذه المرة… بل كانت صيحات ألم !!

البوابة أمامهم بدأت تُغلق ببطء.

وكان عليهم الاختيار الآن: العبور إلى المجهول… 

أو ...

مواجهة ما يختبئ في العتمة !

لم يكن هناك وقت للتردد. 

كان أحمد يشعر بالهواء يُسحب من حوله، وكأن العالم نفسه ينهار.

 البوابة كانت تقترب من الإغلاق، وصوت صريرها أشبه بصراخ شخص يحتضر.

أمسك إلياس بمعصمه بقوة، ثم نظر إليه مباشرة وقال: "متفكرش… اجري!"

 انطلق أحمد دون تفكيى بجوار إلياس، خطواته ثقيلة وكأن الأرض تمسك به، لكنه قاوم، حتى أصبحا على بُعد خطوة واحدة من العبور.

وفجأة…

شيء ما أمسك بأحمد!

يدٌ سوداء، خارجة من العدم، قبضت على ساقه وجذبته إلى الوراء. 

صرخ وهو يحاول التحرر، لكن القبضة كانت باردة وقوية بشكل لا يُصدق، كأنها مصنوعة من ظلام حيّ !

فاستدار إلياس بسرعة، مدّ يده إلى أحمد، وصاح: "أمسك أيدي بسرعة !"

مد أحمد يده، لكن قبل أن تصل إلى إلياس، ظهر كيانٌ من العتمة. 

لم يكن مجرد ظل، بل كان له شكل بشري، بعيون متوهجة بلون الدم. 

كانت ملامحه غير واضحة، كأنها تتغير في كل لحظة.

"البوابة مش ليك يا أحمد…"

كان الصوت يأتي من داخله، صوت مزيج من آلاف الأصوات، كلها تتحدث في آنٍ واحد !

شعر أحمد بجسده يتجمد من الرعب، لكنه حشد كل قوته، وركل الكيان بكل ما أوتي من قوة.

وفي تلك اللحظة بالضبط ، دفعه إلياس بقوة نحو البوابة، وبينما كان يمر عبرها…

سمع آخر شيء قبل أن يُسحب تمامًا إلى الجهة الأخرى:

"لسه بدري يا أحمد… الحرب لسه مبدأتش."

                        **********            

(علي الجانب الآخر – بداية الرحلة الحقيقية)

_________________________________________


سقط أحمد بقوة على أرض صلبة، شعر كأنه اصطدم بصخرة عملاقة.

 شهق بقوة، يحاول استيعاب ما حدث، لكنه أدرك على الفور أنه لم يكن في تلك المستشفى المهجورة بعد الآن.

نظر حوله…

العالم كان مختلفًا تمامًا.

السماء فوقه لم تكن سوداء، بل حمراء قاتمة، كأنها تحترق من الداخل.

 الأرض تحت قدميه كانت مزيجًا من الصخور الجافة، والمباني المدمرة، وكأن هذا المكان قد شهد معركة قديمة انتهت منذ قرون !!

إلياس كان بجواره، يتنفس بصعوبة، لكنه كان حيًا.

"إحنا… فين؟" سأل أحمد، بصوت مرتعش.

إلياس نظر إليه، ثم إلى الأفق، حيث كانت هناك أبراج شاهقة تتلاشى في الضباب ثم قال :

"إحنا في العالم الآخر."

"وإيه اللي مستنينا هنا؟" سأله أحمد وهو ينظر حوله ..

نظر إلياس إليه بنظرة حملت كل الظلام الذي يمكن أن يحتويه هذا المكان ثم قال :

"إجابات… وأعداء."

أثناء ذلك و من بعيد، ظهر أول مخلوق…

 مخلوق لم يكن ينتمي لأي شيء يعرفه أحمد !

وكان يقترب بسرعة…



                البارت الثاني من هنا 

    لقراءة جميع حلقات القصه من هنا 

تعليقات