قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت السادس عشر 16 بقلم احمد عصام أبوقايد

قصة الشخصية المحذوفة الجزء الثاني البارت السادس عشر 16 بقلم احمد عصام أبوقايد



النهاية التي لم تُكتب بعد

_______________________


سرت موجة من الصمت القاتل بعد كلمات أحمد.

فالجميع كان يترقب، كأنهم يدركون أن ما سيحدث الآن سيقرر مصير كل شيء.

"إنت متأكد؟" 

قالها إلياس بنبرات لأول مرة تخلو من الغموض.

أحمد لم ينظر إليه، فقط ثبت عينيه على الكيان الذي يشبهه وقال:

 "أنا مش هسمح إن اللعنة تستمر… مهما كان الثمن ."

ابتسم الكيان، لكن هذه المرة لم تكن ابتسامة سخرية… بل كانت ابتسامة رضا !

وكأن هذه اللحظة هي ما كان ينتظرها طوال الوقت!

ثم قال :

"إذن… فلتغلق البوابة يا أحمد."

تحرك أحمد بثبات.

حينها لم يكن يعرف بالضبط كيف يفعل ذلك..

 لكنه وفي نفس الوقت شعر أن الأمر كان دائمًا بداخله. 

رفع يديه، وشعر بالطاقة تتدفق من داخله، تندمج مع النسيج الممزق لهذا العالم.

بدأت الجدران تهتز، والعالم من حولهم بدأ في التفكك، وكأن كل شيء يعيد تشكيل نفسه. صرخات الأرواح تعالت، لكن لم تكن صرخات ألم… 

فهذه المرة كانت صرخات تحرير !

"أحمد!" 

صرخت بها سارة، وهي تراه يذوب وسط الطاقة المتدفقة.

لكن أحمد لم يكن يشعر بالألم… 

بل كان يشعر بالاكتمال. 

كان كأنه يعيد كتابة نهايته بيديه للمرة الأولى!

بدأ الضوء في إبتلاع كل شيء، وسمع صوت يحيى يهمس قائلا : 

"إحنا… راجعين؟"

لكن قبل أن يسمع الإجابة، كانت الظلمة قد التهمته بالكامل.

ثم…

 الصمت !

كان الصمت خانقًا. 

ظلام مطبق يلف أحمد، كأنه محبوس في العدم بلا صوت ...بلا إحساس… بلا وجود.

ثم…

 همسات بدأت تتردد في عقله، كأنها تنساب عبر روحه مباشرة !

 ليست أصواتًا بشرية، بل طاقة وعي خالص.

"لقد فعلتها…"

قالها أحمد بكلمات غير واضحة، لكنها حملت شعورًا غريبًا، كأنها جزء من الحقيقة التي لطالما تهرب منها !

حاول أن يتحرك، لكن جسده لم يكن موجودًا…

 لم يكن أكثر من فكرة، مجرد كيان عالق بين العوالم !

ثم ومن وسط العدم، ظهر ضوء خافت.

لم يكن مجرد نور، بل كان بابًا ...

 بوابة أخيرة… 

الطريق الوحيد للخروج...

رأى انعكاسات ، وجوهًا مألوفة. 

يحيى، سارة، إلياس، بل وحتى النسخة الأخرى منه، جميعهم كانوا هناك، يحدقون فيه !

"الاختيار لك، أحمد." 

سمعها أحمد بنبرة عميقة تأتي من كل مكان حوله!

لم يفهم في البداية، لكن مع كل لحظة تمر، بدأت الحقيقة تتضح.

هل سيعود؟ أم سيبقى؟

كانت البوابة أمامه، لكنها لم تكن مجرد مخرج… كانت قرارًا !

تنفس بعمق ، وكأنه يتحضر للغوص في اللامعلوم ثم تقدم.

أغمض عينيه في تحفز وعبر البوابة ...

وعندما عبر، كان كل شيء قد تغير !

فتح عينيه… 

لكنه لم يكن متأكدًا إن كان عاد فعلاً أم أنه عالق في وهم جديد !

الهواء كان مختلفًا، لم يكن خانقًا كما في العالم الآخر، لكنه لم يكن مألوفًا أيضا !

نظر حوله… 

كان في غرفة. 

ليست الغرفة التي غادرها قبل أن ينتهي به الأمر في دوامة اللعنة، لكنها تشبهها بطريقة مخيفة. الجدران باهتة ...

 الأثاث مغطى بطبقة خفيفة من الغبار... والنافذة…اقترب منها ببطء وقلبه يخفق بجنون. إذا كان قد عاد حقًا، فسيرى الشوارع التي يعرفها، المباني، الحياة…

لكنه رأى شيئًا آخر !

العالم خارج النافذة كان… مكسورًا !

الأبنية كانت هناك حقا، لكنها لم تكن ثابتة، كانت تتغير ...

تتحول بين أشكال مختلفة كما لو كانت تعيش عدة حيوات في آن واحد... 

الناس… لم يكونوا طبيعيين، فملامحهم كانت تتغير، وكأنهم يمرون بمئات السنوات في لحظة واحدة !

تراجع عن النافذة وهو يلهث.

"إيه اللي بيحصل…؟"

قالها أحمد لنفسه في رهبة.

لكن قبل أن يتمكن من التفكير، سمع صوتًا خلفه.

صوت جعله يلتفت إليه بسرعة، وإذا بها…

سارة...!

كانت تقف هناك، تنظر إليه بعينين خاويتين، بلا تعبير. 

ولاحظ أيضا شيء آخر…

شيء لم يكن موجودًا في سارة التي عرفها.

"سارة… إنتِ هنا؟"

 سألها أحمد بصوت متردد.

لكنها لم ترد. 

فقط رفعت يدها…

 وأشارت خلفه.

التفت نحو ماتشير إليه مرة أخرى…

فوجد الباب الذي كان مغلقًا قبل لحظة، أصبح مفتوحًا !

 يقود إلى ممر طويل…

 ممر لم يكن موجودًا من قبل !

وكان عليه أن يقرر… 

هل سيعبره أيضا ؟ أم أن هذه ليست عودته الحقيقية بعد؟!

للحظات ظل أحمد متجمداً في مكانه يفكر، وهو يراقب الباب المفتوح والممر الطويل الذي يمتد خلفه. 

شعر بأن هناك شيء ما في الهواء…

 شيء جعله يشعر بأن كل ما يحدث ليس كما يبدو.

فالتفت إلى سارة مرة آخرى، التي كانت لا تزال تشير إلى الممر وكأنها مجرد آلي بلا حياة، ملامحها بلا تعبير !

شعر بقشعريرة تسري في جسده قبل أن يقول :

"سارة؟ إنتِ بخير؟"

لكنها لم تجب. 

فقط خفضت يدها ببطء، ثم استدارت ومشت عبر الممر دون أن تنظر إليه !

حينها وفي تلك اللحظة كان بإمكانه أن يتركها تذهب وحدها… 

لكنه لم يفعل.

بل تحرك بخطوات بطيئة خلفها، وقلبه ينبض بعنف مع كل خطوة يخطوها داخل الممر. 

والجدران من حوله بدت وكأنها تتنفس ... تتحرك ببطء كما لو كانت حية !

"إنتِ واثقة إننا لازم نكمل الطريق ده؟" 

قالها أحمد لسارة وهو يحاول السيطرة على توتره.

لكن سارة أيضا لم ترد ...

فقط واصلت المشي.


ثم فجأة ...

توقف كل شيء.

ووجد نفسه في قاعة ضخمة، جدرانها مغطاة بنقوش قديمة… 

نقوش تشبه تلك التي رآها في كوابيسه القديمة!

وفي منتصف القاعة، كان هناك شيء غريب… مرآة سوداء، تعكس ظلالاً أكثر مما تعكس صوراً حقيقية !

توقفت سارة أمام المرآة، و أخيراً تكلمت بصوت لم يكن يشبه صوتها المعتاد وقالت :

"دي الحقيقة اللي بتدور عليها يا أحمد."

تجمد أحمد في مكانه ثم قال بتوتر ملحوظ :

"حقيقة إيه؟"

نظرت إليه سارة أخيراً وعينيها تعكسان شيئاً مرعباً لما ستقوله الأن :

"حقيقة وجودك هنا…حقيقة العالم اللي كنت فاكر إنك تعرفه."

ثم ومن دون سابق إنذار، رفعت يدها ولمست سطح المرآة…

وانفجر كل شيء من حولهم .!



            البارت السابع عشر من هنا 

    لقراءة جميع حلقات القصه من هنا 

تعليقات