
﷽
#طوفان_الدُرة
بمنزل كوثر قبل قليل
دخلت وجدان إستقبلتها سجى بترحاب، سألتها عن كوثر:
فين كوثر إيه اللى جرالها.
فأجابتها:
ماما فى أوضة النوم، معرفش هي صحيت الصبح قالت عندي صداع، روحت للصيدلي اللى على أول الشارع وجه قاس لها الضغط والسكر، وقال الصغط نازل حاجه بسيطة.
تنهدت وجدان براحة قائلة:
وإيه سبب نزول الضغط، ألف سلامة عليها هدخل أشوفها.
أومأت لها سجى، دخلت وجدان الى غرفة النوم، نظرت نحو الفراش كانت كوثر جالسة تتكئ بظهرها على بعض الوسائد على خلفية الفراش، تضع وشاح فوق جبينها، شعرت وجدان بالقلق سائلة:
مالك يا كوثر، إيه جرالك فجأة كده.
زفرت كوثر نفسها بضيق قائلة بكذب:
صداع هيفرتك راسي من امبارح،خدت مسكن راح شوية ورجع تاني الصبح أقوي.
نظرت لها وجدان بقلق، بينما بالحقيقة كوثر
لم تكُن مريضة بل ناقمة على حالها، منذ أن رأت ذلك الطقم الذهبي الذي إشترته سامية زوجة أخيها بالأمس، وعرضته أمامها بتباهي، شعرت بغضب جعل رأسها تفور، لماذا هي لا تستطيع شراء مثل ذلك، بل بالأصح زوجها لن يستطيع شراؤه لها، رغم أنها تمتلك ريعًا خاص بها وبسهوله تستطيع شراء ما تريد، لكن تود أنفاق زوجها ببزخ مثل زوجة أخيها، التي تباهت أمامها أن من دفع ثمن ذلك الطقم هو عزمي... وتباهت أيضًا بإنجابها للذكور، رغم أنها على يقين أن بناتها أفضل منهما لكن بالنهاية ذكور.
جلست وجدان جوارها على الفراش قائلة:
قومي إلبسي ونروح للدكتور يشوف سبب الصداع إيه.
وضعت كوثر يديها حول رأسها قائلة:
جابولى الصيدلي قاس الضغط وقال منه، وأهو خدت العلاج يمكن يجيب مفعول.
وضعت وجدان يدها على يد كوثر قائلة:
ان شاء الله يجيب مفعول وتتحسني.
-آمين
قالتها كوثر ثم عقبت:
مش عارفة زي ما يكون عيلتنا إتحسدت،إنت من فترة كمان كان الصداع ماسكك.
ردت وجدان:
مش حسد يا أختي المرض من عند ربنا،وأنا طول عمري كان نظري ضعيف بس المقاوحة بقي،تصدقي فى الاول كنت كارهه النضارة ومخايلة عينيا لحد ما دُرة قالتلى ألبسها شوية وأقلعها شوية دلوقتي أهو مبقتش أضايق منها حتى دُرة قالتلى ينفع اعمل عملية تصحيح نظر بالليزر، وأستغني عن النضارة، بس ممكن العملية تنجح لوقت ونظري يرجع يضعف تاني، قولت هغلب نفسي ليه النضارة خلاص إتعودت عليها.
تهكمت كوثر قائلة:
تعرفي طول عمرك هابلة يا وجدان، مش عارفة ازاي عايشه كده بسهولة مع دُرة مش هي اللى ضربت طوفان بالرصاص قدامنا،لو أنا كنت أخاف تقرب حتى من صورة إبني دي قلبها جاحد،طب طوفان هنقول الحب عامي عينه لكن إنتِ كده بتتعاملي معاها ببساطة...كأن محصلش حاجه.
لوهلة تشنجت شفاه وجدان وهي تحاول تسيطر على أعصابها قائلة ببرود متعمد:
انا مش هَبَلة يا كوثر… أنا بعاملها كويس اللى حصل كان غصب عنها... دُرة وقتها كانت مكسورة، وكانت بتحاول تخرج غضبها، وليد قتل أبوها وفى الآخر مخدش جزاء مناسب.
تعمدت كوثر الضغط على وجدان قائلة:
جزاء إيه ده كان بيدافع عن نفسه، وبعدين كفاية أمها المصراوية.
زفرت وجدان نفسها بهدوء قائلة:
مالها كريمان ست عاقلة، إنسي بقي يا كوثر
خطوبتك من مختار إنتِ كنتِ رفضاه من قبل الخطوية وأبويا اللى ضغط عليكِ ولما إتفسخت الخطوبة إنت وقتها قولتي أحسن انا مكنتش ريداه.
تضايقت كوثر قائلة:
انا فعلًا مكنتش رايده "مختار" كنت بحس إنه إبن أمه وشورتها، كنت لما أقوله على حاجه يقولى هشاور أمي، زهقت وقولت له فى وشه إني مش هعيش وياها فى معاش وقتها فضلها عليا وقال مفيش نصيب والحمد لله إننا لسه عالبر، وراح قابل المصراوية وإتحدي أمه عشانها وغصب عليها توافق وعاشت معاها وعرفت تضحك عليهم حتي أخته جليلة طوتها، زي بنتها دلوقتي بتطويكي إنتِ وطوفان، وبتدلع، بسببها تمنعي واد أخوكِ يدخل داركِ.
زفرت وجدان قائلة:
بلاش نكدب على نفسنا يا كوثر، وليد مجرم فعلًا حتى لو كان دفاع عن النفس مكنش يقتل إتنين، وبالعجل عزمي ولا مراته اللى قالولك،أنا يهمني راحة مرات إبني اللى كان ممكن تسقط بسبب وليد البجح.
توترت كوثر وكادت تعترض لولا أن نهضت وجدان قائلة:
أنا شايفة إن مفعول العلاج بدأ يأثر عليكِ هسيبك ترتاحي وهرجع المسا أطمن عليكِ.
شعرت كوثر بالغضب لكن أخفته خلف ايماءة
..خرجت وجدان ابتسمت لـ سجى التي قالت لها:
رايحة فين يا خالتي.
أجابتها:
ببسمة كوثر نامت،هبقي أرجع المسا أشوفها تاني.
أومأت لها سجى ببسمه،ورافقتها الى باب المنزل،أغلقت خلفها الباب وقفت خلف الباب عقلها غير مستوعب ما سمعته صدفة
هل كانت والدتها يومً ما مخطوبة لوالد دُرة و...
"باسل"نطقها قلبها
فسرت الآن سبب عصبيتها ذلك اليوم الذي أوصلها باسل وكريمان
"كريمان"
بالتأكيد تعلم ذلك رغم ذلك عاملتها بلطُف،حتى انهما أصبحن صديقتين بينهما إتصالات ورسائل...
فرق شاسع بين الإثنين
كريمان ووالدتها
من حيث كل شئ
سواء التفاهم او المعاملة سواء مع أبنائها والمحيطين بها...لوهلة تمنت لو كانت فعلًا والدتها...لكن نفضت ذلك حين سمعت نداء كوثر عليها حتى أنها تذمرت بضجر حين ذهبت لها قالت بقسوة:
بقالي ساعة بنادي الطرش صابك،تعالي إفتحي الشباك ده يجيب هوا حاسه اني مخنوقة.
❈-❈-❈
بمنزل جلال
تذمرت دُرة بتأفف لم تعُد قادرة على تحمُل سماجة تلك الفتاة من نظرها... رمقتها بنظرة حادة ثم تنهدت بضجر، ثم نظرت لـ طوفان قائلة بهمس:
طوفان خلينا نمشي ضهري وجعني من القعدة.
إبتسم يعلم أنها فقط مُتضايقة، هو الآخر لديه أعمال عليه إنجازها، بالفعل نهض مُتحججًا!
والله القعدة لطيفة، بس للآسف أنا مُرتبط بميعاد عمل فى المصنع مُضطر نستأذن.
إبتسم له جلال كذالك خلود، كذالك والدة جلال التي قالت بابتسامة ودودة:
يا خسارة الوجت مر بسرعة، ان شاء الله المرة الجاية تبقي ترتب وجتك ونقعد مع بعضينا وجت أكتر ويكون معاك وجدان وجود وجوزها، انا شوفته فى الفرح معرفش ليه حسيت إنه زي اللى واخد جنب لوحده.
اومأ طوفان قائلة بود:
ان شاء الله العزومة الجاية عندنا.
ابتسمت له بمودة، رافقهم جلال الى السيارة، صعدت دُرة، لحظات وخلفها طوفان ناحية المقود...
بمجرد أن أدار السيارة تنفست بعُمق لاحظ طوفان ، ذلك ابتسم بخبث قائلًا:
مالك ليه حاسس إنك مضايقة مع إن القعدة كانت لطيفة، كمان كنتِ ساكتة طول الوقت.
زفرت نفسها وإتكئت بظهرها على خلفية المقعد قائلة بكذب:
مفيش بس ضهري واجعني شوية.
أخفي بسمته فهي لا تستطيع إخفاء كذبها.
بعد وقت قليل وصلا الى المنزل ترجلا من السيارة ودلفا الى داخل المنزل ، تقابلا مع وجدان، تحججت دُرة بوجع ظهرها وصعدت الى غرفتهم، بينما وقف طوفان تحدثا قليلًا، ثم ترك وجدان وصعد الى الغرفة
بنفس الوقت دلفت دُرة الى الغرفة مازالت تشعر بضجر، نزعت عن رأسها الحجاب تتنهد بتأفف وهي تُلقيه على الفراش تخففت من بعض ثيابها ، ثم جلست على طرف السرير، تدلّك أسفل ظهرها بكفها وهي تهمهم بانزعاج:
كانت عزومة تقيلة أوي.
دخل طوفان في نفس اللحظة ، وأغلق الباب خلفه بهدوء، ثم تقدم نحوها ببطء، متأمّلًا ملامح وجهها الذي عبس وإدعت الآلم... جلس إلى جوارها دون أن يتكلم، فقط مد يده يساعدها في تدليك ظهرها برفق..قائلًا بمزح:
ضهرك وجعك من دلوقتي أمال لما تدخلي شوية فى الحمل وبطنك تكبر، مش هتقدري تمشي.
نظرت له بغضب وحاولت إزاحة يده عن ظهرها، لكن طوفان كان خبيثًا ترك تدليك ظهرها وصعد بيده الى كتفها، وأزاح ذلك الحبل الرفيع ووضع قُبلة دافئة على كتفها العاري... شعرت بأنفاسه القريبة من عُنقها، أغمضت عينيها وهي تشعر بقُبلاته تزحف نحو عنقها ربما فقدت الادراك ولم تعي كيف تسطحت على الفراش وهو يطُل عليها، رفعت يديها تعبث بأزرار قميصه... لاول مرة بتلك الجرآة الذي إندهش لها طوفان نفسه... وهي تشعر بقُبلاته التي إقتربت من شِفاها، لكن فجأة فاقت من ذلك الغياب، وعادت للوعي حين توقف طوفان عن تقبيلها ورفع جسده عنها نظر الى عينيها ثم تبسم ماكرًا يقول:
نسينا تحذيرات الدكتورة...
تبدلت نظرة عينيها له لنظرة قاتمة وفهمت تلميحة، هو يرد لها قبل يومين حين منعته عنها بحجة تحذيرات الطبيبة، ضغطت على أسنانها، سمع طوفان ذلك فابتسم وهو يهندم ثيابه، كادت دُرة أن تتفوه، لكن صدح رنين هاتفه، اخرج الهاتف ونظر له سُرعان ما قام بالرد ليسمع صوت جود الباكي كأنها تستغيث به:
طوفان تعالي خدني.
فقط قالت ذلك.... شعر بقلق تفوه بتسرُع:
إنتِ فين يا جود؟...
لم ترد ليزداد القلق بقلبه حين سمع صوت إرتطام يُشبه كسر الزجاج ثم إنقطع الإتصال... حاول الإتصال أكثر من مرة لكن لا رد وأصبحت رسالة أن الهاتف مُغلق تترد فى أذنه... شعر بقلق بالغ، بنفس الوقت نهضت دُرة من على الفراش وإقتربت منه سائلة:
فى إيه يا طوفان.
أجابها بقلق:
جود فجأة الخط قطع وموبايلها بيدي خارج الخدمة او مغلق، هتصل على زفت حاتم.
بالفعل قام بالإتصال على حاتم، لكن لم يأتيه رد... توجه نحو باب الغرفة، حاولت دُرة الحديث لكن خرج كادت تخرج خلفه لكن وعت الى ثيابها المكشوفة، سريعًا جذبت كنزتها ترتديها.. كذالك وشاح رأسها وضعته بعشوائية كي تلحق به،بينما طوفان كان يهرول الهاتف بيده ينتظر رد من حاتم، صدفة إصتطدم وجدان التي نظرت له بريبة سائلة:
فى إيه يا طوفان مالك رجعتوا إمتي من العزومة، دُرة بخير.
أغلق طوفان الهاتف وكاد يتحدث لكن صمت فماذا سيقول، سيُشعل قلب وجدان وهو لا يعلم شيء... تنهد بهدوء مُصطنع قائلًا:
مفيش يا ماما، مشكلة فى المصنع، لازم أخرج دلوقتي.
بنفس الوقت سمعت دُرة حديثه مع وجدان لم تستطيع الالحاق بها، كذالك رأفت بقلب وجدان، قد يكون هناك تفخيم فى قلق طوفان.
❈-❈-❈
قبل قليل بذلك المطعم
نظرات عين جود نحو حاتم، كانت واضحة
"إزدراء وإشمئزاز"نظرات كانت كفيلة بفضح كل ما تشعر به...قرف حقيقي لا تُخفيه. هو يستحق نظرة أقل دونية من ذلك، كذالك نظرتها لـ ماهيتاب التي تنتظر بقية حديث جود قد تُعلن ما يُسعدها، أنها ستنفصل عن حاتم
بالفعل ها هي جود تنهض واقفة تقول:
الرخيص بيفضل طول عُمره رخيص... لانه هو اللى رخص نفسه، لو كان عندك ذرة كرامة مكنتيش قبلتي إن خطيبك يتجوز بواحدة غيرك حتي لو كان وهمك إن ده مجرد إنتقام... مفكرتيش زي ما قدر يبقي لواحدة غيرك زوج بمشاعر كاملة... مفيش واحد هيكمل جوازه من واحدها كارهها وعاوز ينتقم منها، ولا واحدة هتعيش مبسوطة مع واحد شايفها وسيلة مش اختيار بس يلا... كل واحد بيختار مستواه.
قالت جود ذلك وجذبت حقيبة يدها فقط وغادرت بخطوات مُسرعة
بينما ماهيتاب ظلت جالسة، ملامح وجهها متجمّدة…
ضحكت ضحكة واهية لكنها خرجت مهزوزة، محاولة كسر الصدمة:
عادي يعني...
لم تستكمل بقية هجائها
حين نهض حاتم
عيناه تتتبعت باب الخروج، ووجهه شاحب، وكأن جود لم تخرج فقط… بل خرجت ومعها شيء من كرامته، من رجولته، من صورته أمام نفسه.... لم يُفكر أو يسمع لهجاء ماهيتاب وهي تسأل:
إتأثرت من جرأتها ووقاحتها و...
كان عقله لوهلة بغفلة قبل أن يذهب خلف جود بخطوات سريعة...
تنهد براحة قليلًا حين رأها تسير بالشارع، ترفع يدها لأي وسيلة مواصلات وللزحام فى المكان لم يقف لها أي سيارة... هرول نحوها سريعًا
بنفس الوقت كانت دموعها تسيل بغزارة تشعر بقهر فى قلبها، ودت ان تقف وتصرخ، أو تجري حتي ينقطع نفسها، لكن تذكرت أن هنالك روحً أخرى بداخلها، روح نبتت بداخلها...
جنين صغير لا ذنب له، لا يفهم ما معنى خيانة أو خيبة، فقط يحتاج الأمان… وهي وحدها من تستطيع أن تمنحه ذلك... أمسكت بطنها بخفة تشعر بحسرة داخلها تائهه مثل تلك السيارات التى تمُر أمامها كانها قصدًا لا تقف لها، فتحت حقيبتها لم يبقي لها سوا طوفان
تود أن ترتمي بحضنه يضمها ربما تهدأ أخرجت هاتفها من حقيبتها بيد ترتعش،
سمعت صوت حاتم يقترب منها بخطوات مسرعة، سارت هي الأخرى مُسرعة تود الإبتعاد عنه ... صوته كان لاهثًا، مُرتبكًا، لا يشبه غروره المعتاد وهو يقول برجاء:
جود… استني.
وجود لا تريد سوا الإختفاء بحضن حنون يضمها... سمعت رد طوفان عليها كانت كلماتها موجزة
"تعالي خدني يا طوفان"
بنفس الوقت خففت من سرعتها كاد حاتم أن يقترب منها، بنظرة رفض عادت للخلف لم تنتبه الى تلك السيارة القادمة الا باللحظة الأخيرة
سقط الهاتف من يدها وحاولت تفادي السيارة لكن تعرقلت بحرف طريق المُشاة، وإختل توازنها فسقطت شعرت بضربة قوية فى رأسها وألم آخر أسفل بطنها وغابت عن الوعي.
هلع حاتم من ذلك المنظر الدامي لـ جود
لأول مرة يفهم حقيقة مشاعره وهو ينحني على جسدها المُلقى بلا حراك، عيناه تتسعان بفزع، وصدره يعلو ويهبط بجنون، كأن كل شيء توقف من حوله، كأن الشوارع سكنت والسيارات تلاشت وصوت العالم انخفض ليعلو فقط صوت أنفاسه اللاهثة، ونبض قلبه الذي يصرخ باسمها...
جود
بلا انتظار حملها سريعًا دون الاهتمام الى زحام وقفة الطريق... يهرول بها نحو مكان سيارته دمائها لوثت ثيابه...منظرها قاسي وقاسم لقلبه الذي إكتشف للتو حقيقة مشاعره
جود كانت طوق إنتقام إختنق هو به
بعد وقت قليل ترجل من سيارته أمام إحد المشافي، يحمل جود، يصرخ طلبً للمساعدة.
دخلت جود الى غرفة الطوارئ سُرعان ما إنصدم حين سمع صوت الطبيب يقول:
المريضة تتنقل العمليات بسرعة، فى نزيف شديد غير خبطة راسها إشاعة فورًا نشوف حجم الضرر.
كاد ينهار، لكنه تشبّث بالحائط، يده المرتعشة لا تزال ملطخة بدمائها، رائحتها على ثيابه، وصورتها المرتجفة بين ذراعيه تفتك بعقله.
بعد لحظات خرجت فوق فراش نقال، رافقها بعينيه نادمً حتى دخلت الى غرفة العمليات... دقائق وقت يمُر وهو كأنه مفصول عن العالم عينيه مُعلقة بباب تلك الغرفة... لم يُلاحظ
رنين هاتفه الذي تكرر... الا حين وضع يده فوق صدره فوق أثر دماء جود، إهتز قلبه، أخرج الهاتف ينظر له...
سمع إستهجان وتهديد طوفان:
فين جود رد عليا قسمً بالله لو بس...
قاطعه حاتم بإنهزام واضح:
أنا فى المستشفى وجود فى أوضة العمليات.
ظن أنه لو حدث ذلك ما كان سيشعر بما يشعر به الآن من
سكنت أنفاس طوفان للحظة على الطرف الآخر من المكالمة، كأن الكلمات ضربته في مقتل، ثم انفجر صوته بالغضب والقلق:
يعني إيه في العمليات.. حصل لها إيه عملت فيها ايه...
ازداد طوفان حدة وتهديد:
هجيلك حالًا... لو جرالها حاجة، مش هرحمك.
أنهى المكالمة قبل أن يسمع رد حاتم.
بينما ظل ممسكًا بالهاتف في يده، يحدق في شاشته كمن لا يراها، تمتم بندم:
أنا أصلًا مش قادر أرحم نفسي.
جلس على أحد المقاعد عيناه مُعلقة على باب غرفة العمليات،يشعر بإجتياح إعصار يُدمر كيانه... إحساس يعود ليشعر بقسوته... شعور حين علم بمقتل أخيه... بل ربما أسوء.
*****
وصل طوفان إلى المستشفى خطواته تسبق أنفاسه، نظره حاد كالسهم، يبحث بعينيه عن أول من يصب عليه قلقه وغضبه
رأى حاتم جالسًا أمام غرفة العمليات، وجهه شاحب، وثيابه ملطخة بدماء جود… الدماء التي أحرقت قلب طوفان بمجرد رؤيتها...
انقض عليه دون تردد، رفعه من ياقة قميصه بقوة:
عملت فيها إيه... رد عليا يا حقير، إنت السبب.
لم يقاومه حاتم، فقط رفع عينين تملؤهما الهزيمة والذنب ولم يتحدث أو يدافع عن نفسه من صفعات طوفان بقبضته مرة، واثنتين، ثم تركه يدوي على الأرض، بينما العيون من حولهم تراقب، والممرضون يهرولون للفصل بينهما.
نظر لها طوفان يلهت بعدما تدخل الامن وفصب بينهم:
جود كانت أمانة، وإنت خنتها وأنا هدفعك التمن غالي.
صرخ بهم الطبيب وهو يفتح باب غرفة العمليات:
فيه حالة حرجة جوه، الهدوء لو سمحتوا.
سكت الجميع، وصمت طوفان أخيرًا، لكن قلبه يصرخ.
اقترب الطبيب الآخر من طوفان قائلاً:
حضرتك من العيلة محتاجين توقيع على بعض الأوراق
هزّ طوفان رأسه سريعًا:
أنا أخوها... قولي حالتها إيه
تفوه الطبيب:
للآسف الجنين نزل... بسبب النزيف... كمان فى جرح فى راسها، مش خطير.. هتخرج دلوقتي لأوضة عادية هتفضل تحت الملاحظة.
تبادل طوفان وحاتم نظرة صامتة، لم يكن هناك حاجة للكلام، الحزن والندم والذنب كانوا يتحدثون عن الاثنين
حاتم وطوفان الذي قام بطرد حاتم من أمام تلك الغرفة التي دخلت لها جود عقب خروجها.
لم يعترض حاتم، ليس تخاذلًا ولا خوف من بطش طوفان، بل إنهزام و وجع قاسي لم يتخيل الشعور به.
❈-❈-❈
بمنزل طوفان
القلق يزداد فى قلب دُرة... كذالك وجدان شعرت بإنقباض فى قلبها، حاولت الاتصال على جود أكثر من مرة لكن الهاتف خارج التغطية.
حسمت دُرة قرارها وقامت بالإتصال على حاتم، الذي قام بالرد عليها تسرعت بالسؤال بلوم:
عملت إيه فى جود يا حاتم.
أجابها بإنهزام:
أنا فى المستشفى يا دُرة.
شهقت دُرة سائلة.بريبة:
إيه اللى حصل، مستشفى إية، وطوفان.
أجابها بيأس:
طوفان طردني... جود خسرت الجنين.
شهقت دُرة بصدمة تستوعب ما قاله ذلك الحقير... وعقلها يكاد يذهب.
❈-❈-❈
بعد قليل وصلت دُرة الى المشفي
توجهت مباشرةً الى تلك الغرفة،وقفت لحظات تستنشق الهواء ثم طرقت على الباب ودخلت نظرت نحو طوفان الذي بمجرد أن رأها تعصب بغضب وهو يقترب منها بخطوات …متسارعة، عيناه تشتعلان بإعصار لمن يهدأ، كأن رؤيتها الآن سكبت الملح على جرحه المفتوح... قبض على معصم يدها بقوة يشدها للسير معه الى أن خرجا من الغرفة
تفوه بصوتٍ حاد، يكاد يخرج من بين أسنانه:
إية اللى جابك يا دُرة، عرفتي منين... طبعًا من الحقير إبن عمتك، رد عليكِ بسرعة طبعًا يبشرك.
قال ذلك بغضب ثم ترك يدها قائلًا:
إنتِ السبب يا درة، كان فين عقلي كان لازم أفهم إن حاتم يبقي أخو حسام وأكيد وصولي
وطالما خِسر إنه يفوز بيك سهل يبدلك بـ أختي
إنتِ لعنة حياتي يا دُرة.
«يتبع»