رواية زواج تحت التجربة الفصل الخامس 5 بقلم رباب حسين

رواية زواج تحت التجربة الفصل الخامس 5 بقلم رباب حسين
كانت تمشي بخطى هادئة كأن الأرض قد خافت على كرامتها من أن تهتز تحتها عيونهم لا تتركها تلاحقها كما تلاحق الذئاب فريسة أنهكها الجري.... في السوق..... في المسجد...... وحتى بين جدران بيتها.... كان الحديث عنها لا ينتهي كأنها ارتكبت الجريمة بيدها أو صمتها بات ذنبًا أشد من الدم المسكوب.... هم لا يعرفون… لم يكونوا هناك لم يرى أحد منهم تلك اللحظة حين عاد إليها ذات يوم متعب العينين غريب الوجه كأن وجهه لم يعد وجهه وجلس على عتبة الصمت وأخرج من بين ضلوعه اعترافًا ثقيلًا:
"قتلتُه… نعم... لكنني لم أرد.... لم أختر"
هي فقط من رأت هشاشته وضعفه وصراعه مع ذلك القرار الذي فُرض عليه كما يُفرض السيف على الرقاب.... لم يكن مجرمًا….. بل كان رجلًا نقيًا محاصرًا مأمورًا مأخوذًا نحو الفعل دون خيار
لكنهم لا يرون ذلك يرون فقط عنوان الجريمة ولا يقرؤون متنها يلوثون سمعته كما يلوثون اسمها يتهامسون خلف ظهرها: "زوجة القاتل" كأنها وصمة لا روحًا مكسورة تبحث عن من يصدقها من يفهم أن للقتل وجوهًا كثيرة وبعضها يرتدي ملامح المظلوم
هي لا تدافع..… لم تعد تملك طاقة الرد صمتها صار درعها الوحيد ودموعها تتسرب كل ليل بين دعواتها وحده الله يعلم ووحده ضميرها شاهد على ما لم يراه الناس... فليقولوا ما يشاؤون....هي تعرفه وتعرف الحقيقة وهذا يكفي وحتى وإن لم يصدقها أحد فذات يوم سينكشف كل شئ وهذه ثقتي بالله
كانت إيمان تجلس في منزلها ويقف علي وتهاني يتجادلان في إنفعال بشأن زواجها من خالد وهي فقط تجلس صامتة لا تتحدث ولا تستمع لهما وكأنها تركت عقلها بالمحكمة بعد أن سمعت رد القاضي على ما قالته
فلاش باك
وقفت إيمان بالمحكمة بعد أن طلبت الأذن من القاضي بالتحدث
إيمان : أنا إيمان علي زوجة خالد رفيق دكتورة متخصصة في الجينات الوراثية وجيت النهاردة عشان أوضح السبب الرئيسي لقتل خالد لعمه عاطف.... خالد خضع لتجربة عملية وخد عقار غير مدرج وده أدى لخلل في جيناته الوراثية
القاضي : فين الدليل على إنه خد الدوا ده؟
إيمان : مفيش دليل سيادتك
القاضي : طيب وأنا أصدقك إزاى
نظرت إيمان إلى خالد وقالت : إثبتله يا خالد
أرادت منه أن يقوم بعمل أي شئ يثبت قوته المفرطة ولكن لم يستجيب لها فقط نظر إليها في حزن وأماء لها بلا ثم نظر إلى الناس اللذين يجلسون بقاعة المحكمة وعلمت أنه يخشى أن يأذي أحدًا منهم فنظرت له إيمان في حزن فهو نقي القلب وليس بقاتل وهو داخل هذا القفص برغبته فقط
القاضي : طالما معندكيش دليل مقدرش أخد بكلامك.... إتفضلي إرجعي مكانك
عودة من الفلاش باك
كان علي يجلس بجوارها ويقول : يا بنتي وجودك على ذمته مش هينفعك ولا هينفعه بحاجة..... حتى لو بتحبيه لازم تبعدي عنه..... أنا مش هسمحلك تضيعي مستقبلك عشانه مش كفاية رجعتي البيت بعد الجواز ب ١٠ أيام والناس لسانها مش بيرحم..... يا بنتي إسمعي الكلام مرة واحدة وبلاش دماغك الناشفة ديه
وقفت إيمان في غضب وصاحت بهما : كفاية..... كفاااااية بقى..... خالد برئ ومش قاتل..... خالد لا يمكن يقتل..... محدش فيكم يعرفو عشان يحكم عليه وأنا مش هتخلى عنه أبدًا ومش هتجوز غيره ولا هطلق منه..... خلاص
ذهبت من أمامهما ودخلت غرفتها
تهاني في غضب : شايف بنتك..... كل ده عشان كل مرة أقولك نضغط عليها تقولي لا..... أدى النتيجة..... ده مفيش حد بيشوفها في الشارع ولا الشغل غير بيتكلم عليها وفي وشها كمان
ثم استمعت إلى صوت إيمان داخل غرفتها بعد أن تلقت مكالمة على الفور وهي تقول : هرب..... هرب إزاي؟
علاء : كسر الباب الحديد..... أنا عايز أعرف هو عمل كده إزاى..... ده الباب عامل زي علبة الصفيح المطبقة..... فهميني هو عمل كده إزاى..... كده خالد خطر جدًا
إيمان : أكيد حاجة عصبته..... مش حضرتك قولتلي إنه قاعد في إنفرادي زي ما هو طلب
علاء : سالم جيه زاره ومعرفش قاله إيه
إيمان : سالم!..... يادي المصيبة...... لازم نلاقيه بسرعة قبل ما يعمل مصيبة تانية.... أنا جاية لحضرتك حالًا وحاول توصل لسالم قوله يبعد عن خالد نهائي لو شافه يهرب منه
أنهت إيمان المكالمة وخرجت مسرعة فوجدت على وتهاني ينتظرونها بالخارج فقالت تهاني : هو هرب؟.... وإنتي بقى رايحة تدوري عليه ولا رايحة برجليكي لعنده عشان يقتلك؟
إيمان : خالد لا يمكن يأذيني...... ولازم أروح دلوقتي
ذهبت من أمامهما دون أن تستمع لقولهما وحاول علاء الإتصال بسالم ولكن لم يجيب أما خالد فبعد أن خرج من غرفة الحجز المنفردة وقف أمامه بعض العساكر يصوبون عليه بالأسلحة فنظر إلى أسفل فوجد العساكر جميعًا يصعدون الدرج ووجد نفسه محاصر فقفز من أعلى السور ونزل إلى أسفل تحت نظرات الدهشة على وجوه العساكر بعد أن رأوه يهبط إلى أسفل من مسافة بعيدة وينهض مسرعًا دون أن يشعر بألم مما دب الذعر بقلوبهم فنظر العسكر اللذين يقفون على الباب له وهو يقترب منهم ولكن لاحظو نظراته وأحمرار عينيه فابتعدو عنه وقام بدفع الباب بقدمه فانكسر الباب وخرج منه يبحث عن سالم الذي خرج للتو فوجده يقود سيارته فنظر حوله وجد سيارة للشرطة تقف على الباب تقوم بترحيل بعد المسجونين فأخرج السائق ودفعه أرضًا وأخذ السيارة وذهب بها فوجد أحد المسجونين مازال بالخلف فنظر له عبر النافذة الصغيرة وقال : إنت بتعمل إيه يا عم؟
نظر له خالد ولم يجيب ولكن لاحظ نظراته المرعبة فصمت الرجل وانتظر حتى يوقف السيارة ويهبط منها ويعود إلى قسم الشرطة..... ظل خالد يتتبع سالم حتى اقترب منه وقام بدفع السيارة أمام سيارة سالم الذي توقف على الفور خشية الصدام به فنزل خالد ونظر إليه سالم ورأى ذات النظرة التي رآها مسبقًا عندما حمله بذراع واحد فخرج من السيارة يركض وهو يشعر بالخوف فركض خلفه خالد تحت نظرات المسجون داخل السيارة حتى وجد سالم كوخ قديم فدخل به وحاول الإختباء منه ولكن تبعه خالد وبعد وقت رأى المسجون خالد يخرج من الكوخ ويركض بالشارع وهو يضع يذه على رأسه في ألم وترك السيارة فأخذ المسجون السيارة وعاد إلى السجن بها وعندما وصل تم حجزه داخل السجن
إختفى خالد ولم يراه أحد بعد ذلك الوقت..... جاء علاء مع سيارات الشرطة وكانت إيمان معه بالسيارة وحاولت شرح حالة خالد بالتفصيل له
إيمان : بعد ما عملنا أبحاث على العينات اللي خدناها من خالد عرفنا إن فيه مشكلة عنده في الغدد بسبب الدوا اللي خده واللي خلى الغدد الكظرية تزود معدل إفراز الأدرينالين وهرمون الكورتيزول بس الأخطر بقى إن الأفراز مش بيوقف بمعنى إنه هيفضل بسببهم قوي البنية بشكل غير طبيعي ومبيخفش فأي إنفعال هيحس بيه خالد الهرمون بيتفرز بشكل مبالغ فيه وده اللي بيخليه يتصرف زي الآلة..... آلة ممكن تكسر أي حاجة..... أوعى تفتكر إن الحجز كان مانع خالد..... خالد هو اللي مكنش عايز يخرج بمزاجه لكن لو عايز يهرب مفيش سجن هيمنعه..... حتى الحيطان مش هتقف قدامه
كان علاء يستمع إليها ولا يعلم كيف سيتعامل مع خالد حتى اقتربا من السجن فوجدت إيمان سيارة سالم تصف على الطريق فأشارت إلى علاء كي يتوقف فنظر علاء بجواره فوجد سيارة تقف على الجهة الأخرى فأوقف السيارة التي تتبعه ونزل هو وبعض العساكر وذهبو إلى السيارة ولكن وجدوها فارغة فأمر العساكر بالبحث عن سالم في الأماكن التي تحيط بالمكان ويبلغوه إذا وجدو شيئًا وأمرهم ألا يشتبكو مع خالد إذا وجدوه فقط يقومو بإبلاغه وأخذ إيمان وذهب معها إلى السجن..... وصلا معًا ووجدا السجن في حالة من الفوضى والعساكر يحاولون غلق الباب الذي كسر على يد خالد فدخل وطلب مقابلة الضابط المسئول فخرج إليه وقال علاء : عزت باشا
عزت : منور يا علاء باشا..... شايف الفوضى..... الراجل ده مش طبيعي..... إزاى محدش خد باله من تصرفاته كان المفروض تحوله على دكتور وإذا كان كده يدخل مصحة.... شايف المنظر والعسكر مرعوبين منه..... ده مينفعش يدخل سجن تاني ولا فيه سجن هيوقفه
إيمان : والله حضرتك أنا قولت للقاضي بس مصدقنيش وقالي عايز دليل
ثم أشارت إلى الباب المكسور وقالت : أعتقد ده أكبر دليل على كلامي
علاء : كل ده هيتصور ويتحط في الملف بتاع القضية بس نلاقيه والنيابة هتحوله على مصحة وساعتها هنشوف ليه علاج ولا لا
عزت : خالد خد عربية وكان فيه مسجون وبيقول إنه كان بيجري ورا حد وتقريبًا كده كان سالم وبعدين نزل من العربية والمسجون جاب العربية ورجع بيها
بعد قليل جاء إتصال هاتفي إلى علاء من أحد العساكر الذين تركهم يبحثون عن سالم
علاء : أيوة يا إبني..... لقيته؟
العسكري : أيوة يا علاء بيه.... لازم حضرتك تيجي فورًا
علاء : أنا جي
ثم نظر إلى إيمان وقال : بيقولو لقو سالم تعالي نروح نشوفه
ذهبا معًا وقابلهما أحد العسكر الذي قادهما إلى الكوخ وعندما دخلا فتحا عينيهما في صدمة فوجدا سالم قتيلًا فوضعت إيمان يدها على فاهها وهي تقول : لا.... لا مش ممكن.... تاني يا خالد؟!!!
علاء : دورو عليه بسرعة.... هو مش معاه عربية وأكيد لو دورنا هنلاقية
العسكري : يا علاء بيه الليل داخل علينا وعشان ندور في المكان ده صعب أوي.... المكان مهجور ومفيش إضاءة
صمت علاء قليلًا ثم قال لإيمان : عارفة ممكن يبقى فين؟
إيمان وهي تبكي : بعد ما بيوصل للمرحلة ديه من الإنفعال الجسم مبيقدرش يتحمل فا بيفقد وعيه ولما بيصحي بيرجع هادي وطبيعي وأنا متأكدة إنه هيرجع يسلم نفسه
علاء في غضب : ولو مرجعش هيفضل يمشي يقتل في الناس وإحنا نتفرج عليه..... إزاى يا دكتورة تبقي عارفة إنه خطر للدرجة ديه ومتجيش تبلغي؟!
إيمان : ما أنا جيت وبلغت في المحكمة ومحدش صدقني أعمل إيه تاني؟
علاء : إنتي اللي إديتيله العلاج ده؟
إيمان : لا مش أنا
علاء : يبقى الدكتور اللي كان معاكم يوم حادثة سالم صح؟...... كان إسمه أيهم
صمتت إيمان ولم تجيب فقال علاء في غضب : مبقاش فيه مجال يا دكتورة..... فيه مجرم برا بيقتل زي ما هو عايز ومن غير ما يحس..... مستنية لما يبقى قاتل متسلسل
إيمان : معرفش حاجة..... أيهم مش هو اللي أداله الدوا أنا وهو بنحاول نحل الموضوع لكن الدوا ده خدو منين أو مين اللي عمل فيه كده محدش يعرف
زفر علاء في غضب وقال : إتصل بالطب الشرعي يجو يشوفو الجثة ديه عشان التشريح
جاء الطب الشرعي وتم أخذو الجثمان إلى المشرحة.... حل الليل ولم يظهر خالد بعد كانت إيمان تشعر بالحزن والتخبط فا أصبح الوضع أسوء بكثير فذهبت إلى المشفى بعد ما شعرت بأنها لا تعلم ماذا تفعل وأين تذهب ولا تريد أن تذهب إلى المنزل وتستمتع إلى حديث والديها فوجدت أيهم لازال يقوم بعمل تحليل للعينات وعندما رآها وقف مسرعًا وقال : كويس إنك جيتي..... العينات بتظهر نتايج غريبة
إيمان : إيه هي؟
أيهم : المفروض إن الأدرينالين بيعرض الجسم للنوبة القلبية أو السكتة الدماغية لكن الدوا اللي خده بيعمل على معادلة ضربات القلب وتنظيم حركة المخ..... بمعنى أن خالد بيزيد الأدرينالين في جسمه من غير ما يعرضه للخطر وده اللي أنا كنت عايزه يعني جسم خالد بيفرز ماده تمنع السكتة القلبية والدماغية..... إنتي عارفة ده معناه إيه؟!
إيمان في حزن : عارفة..... بس الأعراض الجانبية جنونية
أيهم : أيوة.... بس فيه حلول..... إحنا ممكن نزود الهرمون الميلاتونين اللى بيقوم بعمل الإسترخاء في الجسم أو السيرتونين
زفرت إيمان وقالت : فكرت في كده بس المشكلة إن الأدرينالين بيزيد بشكل مش طبيعي وفي وضعه ده هيضطر ياخد أدوية ومهدئات بكميات كبيرة وهيفضل عايش عليها خوفي كله الجسم هيستحمل ده كله ولا لا؟
أيهم : معندناش حل غير إننا نجرب..... بس إنتي جاية متأخر كده ليه؟..... هربانة من البيت؟
إيمان : اه..... مش عايزة أقعد معاهم وهما بيسمعو الخبر الجديد
عقد أيهم حاجبيه وقال : خبر إيه؟
إيمان في يأس وحزن : خالد هرب..... وقتل سالم
أيهم في صدمة : يا خبر أسود! وهو فين دلوقتي؟
إيمان : محدش عارف.... أنا بفكر أروح البيت يمكن يروح هناك
أيهم : مش خايفة منه؟
إيمان : عمري ما هخاف منه..... وعمره ما هيأذيني..... أنا لو لقيته هخده وأهرب من غير ما حد يلاقينا وهفضل وراه لحد ما أعالجه
أيهم : بس ده خطر برده
إيمان : مش مهم..... أنا هعرف أسيطر عليه وبالنسبة للقضية هما عرفو وأتأكدو أن اللي هو فيه ده مش بإيده وإنه مريض وده يخرجو من أي قضية ولو خف مش هيتحبس هيقعد في مصحة ويخرج
أيهم : أيوة بس نسبة شفاءه مش مضمونة
إيمان : لو خدته في مكان منعزل أنا وهو بس هعرف أسيطر عليه
أيهم : لا..... ممكن يقتلك وهو مش حاسس
إيمان : أنا واثقة فيه..... خالد مش هيأذيني..... أنا ماشية
أيهم : إيمان لازم تفكري ومتعمليش خطوة من غير ما تبلغيني
إيمان : أكيد متقلقش...
تعليقات
إرسال تعليق