
رواية عهد يوسف الفصل الأول 1 بقلم الشيماء احمد حنفي
البيت كان ساكن… الكل نايم، إلا هم الاتنين.
يوسف، اللي عنده 18 سنة، وعهد، بنت عمه الصغيرة اللي لسه عندها 11 سنة، قاعدين سوا فوق سطح البيت.
الفجر قرب، والنسمة كانت بتلعب في شعرها الناعم المربوط ديل حصان.
كانت لابسة بيجاما سماوي فيها أرنب مرسوم على الجيب، وعينيها بتلمع… مش من الضحك، من الخوف.
عهد (بصوت واطي):
= بكره مش هقوم ألاقيك زي كل يوم؟
يوسف (ضحك وهو بيبصلها):
= لا يا ستي، هتلاقي العصافير، بس مش أنا.
نزلت بعينيها في الأرض وهي بتقلب في علبة الشوكولاتة:
عهد:
= طب… مش هتبعتلي هدايا من هناك؟ ولا حتى صورك؟
يوسف (قرب منها وهز راسه):
= أبعتلك شوكولاتة، وصوري، وكل حاجة… بس متزعليش.
عهد (بصوت بيرتعش):
= ما تبقاش تنساني هناك… مش علشان أنا صغيرة تبقى تنساني.
يوسف (مسح على شعرها بلطف):
= إزاي أنساكي يا غلباوية؟ ده انتي آخر وش هشوفه قبل ما أركب الطيارة.
قامت عهد بسرعة، ورجعت بعد لحظات بورقة مرسوم فيها قلب كبير، وكتبت فيه:
"لما أكبر… ارجع خدني معاك."
عهد:
= دي ليك، خليها معاك… ولو نسيتني، بص فيها.
= لما أكبر… وتلاقيني كبرت قوي، تعالى… وخدني معاك.
اتسمر يوسف مكانه، قلبه اتشد للكلام الطالع من قلبها الصغير.
يوسف (بصوت هادي):
= لما تكبري، لو لسه عايزة، أنا أول واحد هجيلك.
عهد (بابتسامة فيها دموع):
= وعد؟
يوسف:
= وعد يا عهد… وعد يوسف.
---
بعد 7 سنين…
المطار زحمة، وكل صوت حواليه بيضيع، ما عدا صوت قلبه.
يوسف نازل من الطيارة، شنطته على ضهره، عينه بتدور وسط الزحمة على بلد كان سايب فيها قلبه.
خرج من المطار، لقى صفية، أمه، مستنياه:
صفية:
= ألف حمدالله عالسلامة يا ضنايا.
يوسف (يحضنها):
= الله يسلمك يا يمّا.
سماح – مرات عمه:
= منوّر بلدك يا يوسف.
يوسف:
= ده من نورك يا مرات عمي.
دخل البيت… البيت هو هو، بس فيه حاجة ناقصة.
عينه كانت بتدور… قلبه سابقه بدقايق.
شافها.
واقفـة في آخر الطرقه، ماسكة شال خفيف، شعرها نازل على كتفها، وبصّاله بلمعة مش جديدة… بس كأنها لسه مولودة.
يوسف وقف مكانه، وفضل يبص عليها… ومش شال عينه.
كانت ماشية رايحة أوضتها، أوضتها اللي جنب أوضته.
قرب يفتح الباب، ولقاها قدامه، مد إيده، شدها جوه.
اتخضت، وحاولت تبعد، بس إيده كانت أسرع.
يوسف (بصوت واطي وهو بيبص في عينيها):
= كبرتي يا عهد…
رفع وشها بصباعه، نفس اللمعة اللي سابها من 7 سنين… بس دلوقتي بقت أهدى وأجمل.
يوسف:
= وبقيتي عروسة… ما شاء الله.
عهد (بخجل):
= مرات عمي عايزاني تحت…
يوسف (بضحكة خفيفة):
= مكسوفة؟ ده انتي وانتي صغيرة، قولتيلي عايزة تتجوزيني!
وشها احمر، ولسانها اتربك.
يوسف (بهمس وهو بيقرب):
= فاكرة؟ قولتيلي لما أكبر… ارجع خدني. أنا رجعت.
هربت منه بسرعة، دخلت أوضتها، وقلبها بيدق كأنه هيوقع الأرض.
جوه الأوضة، كانت هالة – بنت عمها – قاعدة بتقلب في كتاب.
هالة:
= وشك أحمر ليه كده؟
عهد (وهي بتحط إيدها على خدها):
= أنا بحبه أوي يا هالة… أخيرًا رجع.
قبل ما تكمل كلامها، الباب خبط خبطة هادية… وصوت صفية نادى من بره:
صفية:
= عهد… يوسف عايزك تحت.