
الساعة كانت قرابة الخمسة، والنهار بيموت ببطء، والشارع شبه فاضي… خطوات لارين كانت سريعة، شنطتها متعلقة على كتفها، وإحساس الخوف بيتنفس جنبها.
كل ما تبص وراها، تلاقي الشارع فاضي… بس قلبها بيقول غير كده.
نفس الخطوات، نفس الظلال، نفس الشعور المقلق اللي لاحقها بقاله أيام.
عدّت من شارع جانبي قريب من بيتها، وهناك…
ظهر الشخص اللي كان بيطاردها.
واقف بظهره، لابس جاكيت أسود وكاب نازل على وشه، كأنه مستنيها.
اتشدّت.
وقفت.
ضربات قلبها عليت فجأة.
لارين (بحزم وقلق):
"إنت مين؟!"
ما اتحركش.
لارين (بصوت أعلى):
"أنا سألتك… إنت مين؟! بتتبعني ليه؟!"
اتلفت ناحيتها… ونزل الكاب شوية، لكن ملامحه لسه مش باينة تمامًا بسبب الظل.
مراد كان بيحاول يهدّي نبرته، لكنه غلط غلطة صغيرة… قال اسمها.
مراد (بهدوء):
"إهدي يا لارين…"
اتجمدت.
لارين (بعصبية):
"إنت قلت اسمي…! إنت تعرفني؟! إزاي؟ أنا عمري ما شفتك!"
مراد (يحاول يخفف التوتر):
"أنا مش عدوك، صدقيني. بس كان لازم أتابعك… للحماية بس."
لارين (بغضب مكتوم):
"حماية إيه؟! أنا مش طفلة، ولا محتاجة حد يراقبني! إنت شغال مع بابا؟! ولا وراه؟!"
مراد (بتردد):
"أبوك... موضوعه معقّد، وأنا مش هنا عشان أشرحلك دلوقتي."
لارين (تقرب منه بشجاعة رغم الخوف):
"أنا هبلّغ عنك… عارف؟ هصوّرك وهبعت للشرطة!"
مراد (بسرعة):
"أنا من الشرطة يا لارين… ومش هأذيك. لكن في حاجات أكبر بكتير مما انتي فاهمة."
سكتت لحظة… ضايعة بين الغضب والخوف، بين ألف سؤال وسؤال.
كانت هترد، لكن عربية ظهرت فجأة من بعيد، ومراد استغل اللحظة واختفى في الزحمة، قبل ما تلحق تسأله تاني.
فضلت واقفة مكانها…
مرتعشة، متوترة، وكل حاجة بتدور في عقلها.
"قال إنه من الشرطة… وذكر أبويا… وبيتابعني… يبقى في حاجة كبيرة… وناس كتير مش عايزينني أعرفها."
---
مرّ يوم كامل بعد مواجهة "الرجل الغامض" اللي قال إنه من الشرطة… لارين ما قدرتش تهدأ، وكل سؤال سألته لنفسها فتح وراه أبواب جديدة.
كانت قاعدة في أوضتها، عنيها بتلفّ على الحيطة، بس عقلها في مكان تاني.
"هو مراد قال إن أبويا موضوعه معقّد… يعني في حاجة فعلاً؟!"
قامت بسرعة، وراحت على أوضة أبوها. كانت فاضية، وهو نزل من بدري.
لارين (تهمس لنفسها):
"أنا لازم أعرف… حتى لو دا آخر حاجة أعملها."
فتحت دولابه، بصت في درج الكومود، ورق كتير… فواتير قديمة، قصاصات جرائد… لكن وسط الورق، كانت في ورقة مطوية ومخبّية جوه كتاب.
شدّت الورقة وفتحتها…
"عملية تسليم – سلاح آلي 7 قطع – الموقع: الميناء الجنوبي – التوقيع: علي بدران "
الاسم… التوقيع… الحقيقة وقعت قدام عنيها بدون رحمة.
اترجّت إيديها، والورقة وقعت منها.
لارين (بصدمة):
"لا… لا مش ممكن… مش بس شغال في تجارة السلاح… ده بيقودها؟!"
قبل ما تلحق تجمع نفسها… الباب اتفتح بعنف!
بدران (بصوت مرعب):
"بتعملي إيه في حاجتي؟!"
اتجمدت مكانها.
لارين (مرعوبة):
"أنا… أنا كنت بدوّر على…"
شاف الورقة في إيديها، وشكله اتبدّل.
عنيه اشتعلت بالغضب، ووشه اتحوّل لقناع قاسي.
بدران (بصوت مفزوع):
"انتي فتّشتي ورايا؟! بتتجسّسي عليا؟!"
لارين (تبكي):
"أنا بنتك! من حقي أعرف إنت مين!"
صرخ وهو بيقرب منها، ومد إيده بقسوة.
ضربها على وشها، وقعت على الأرض، مسكت خدها وهي بتبكي.
بدران (غاضبًا):
"أنا قلتلك مليون مرة… أنا مش أبوك! أنا غلطة حصلت، وانتي نتيجتها! ومش هاسمحلك تدمّري حياتي!"
لارين (منهارة):
"أنت اللي دمّرت حياتي… مش أنا!"
سابها مرمية على الأرض، وخرج من الأوضة وهو بيترعش من الغضب.
فضلت هي على الأرض… بتعيط، ومسكّة الورقة كأنها آخر دليل على عقلها اللي بيحاول يفهم.
"أنا كنت بضحك على نفسي… وهو عمره ما شافني بنته."
يتبع