رواية نقطة اختراق الفصل الثامن عشر 18 بقلم زينب رشدي


رواية نقطة اختراق الفصل الثامن عشر 18 بقلم زينب رشدي



كان صوته بيتكسّر وهو بيحاول يكسر القفل:
أسر (بإصرار): "ولا أنا هتحمل أخسرك...
ولا ثانية!"
فجّر القفل، ودخل بسرعة وسط الدخان، وشافها قاعدة على الأرض بتسعل، عينيها مليانة دموع مكتومة، مش من الدخان... من الخوف.
مسك إيدها بقوة، وخرج بيها وهو بيجري.
لما خرجوا برة ووقعوا على الأرض يتنفسوا بصعوبة، لسه ماسك إيدها، ونظراته كلها توتر.
أسر (بصوت واطي وهو بيبص في عينيها): "أنا لسه هنا...
وإنتي كمان.
ومش هسيبك، أبدًا."
ريهان (بتهرب بعينيها، وهمس): "بس أنا بخاف... بخاف قوي."
رجعوا ريهان وأسر للقاعدة، ملابسهم متسخة، وجراحت خفيفة باينة عليهم، عيونهم مجهدة، بس ما بينهم في حاجة اتغيّرت...
هدوء غريب، وكلام قليل، لكن نظراتهم كانت بتفضحهم.
دخلوا من باب القاعدة، ولَقو علي وأدهم مستنيين.
علي (بصوت حاد): "إيه اللي حصل؟
كانت مهمة بسيطة، إزاي وصلتوا للمرحلة دي؟"
أسر (بنبرة رسمية وهو بيقف باستقامة): "حصل انفجار بسيط في الجهة الخلفية...
باب حديدي اتقفل على ريهان،
اضطرّيت أستخدم قنبلة دخانية عشان أفتح الباب وأخرجها."
علي: "كنت تقدر تستدعي دعم... ليه اتصرّفت لوحدك؟"
سكت أسر لحظة، ثم قال بهدوء:
أسر: "مقدرتش أستنى."
ريهان (بتدخل بسرعة): "الموقف كان محتاج سرعة.
أي تأخير كان هيعرّض حياتي للخطر.
أسر تصرّف صح."
أدهم (بيبص بينهم): "أنتم كويسين؟"
ريهان: "كويسين."
علي (بعينه على أسر): "كويسين...
بس باين إن في حاجة أكتر من كده."
سكتوا هما الاتنين. أسر بص لتحت، وريحان شالت عينيها خالص من المواجهة.
بعد ما خرجوا من المكتب، علي وأدهم قعدوا سوا.
علي (وهو بيبص في ملفات التدريب): "أنا مش مرتاح.
أسر اتصرف بعاطفة، مش كمجند."
أدهم (بهدوء): "بس أنقذها."
علي: "والعاطفة دي... هتخليه يعرّض المهمة كلها للخطر لو اتحط تحت ضغط أكبر.
وهي كمان... باين عليها اتفتحت من ناحيته."
أدهم (بواقعية): "ممكن تكون بداية ضعف... وممكن تكون أقوى رابط نحتاجه في الفريق."
وبعد ثلاثة أيام من التدريب المكثف، لم يكن أحد منهم ينام.
أخيرًا، عاد كل شخص إلى منزله، وناموا جميعًا دون أي حديث مع أهلهم، حتى إنهم قضوا يومًا كاملًا نائمين.
كل واحد منهم برر غيابه الطويل على طريقته.
أرسل أسر رسالة إلى ريهان يخبرها أنه ذاهب إلى الشقة وينتظرها هناك،
فتوجهت إليه، لكنها واجهت مشكلات كثيرة في الطريق، ولاحظت وجود أزمة كبيرة في الاتصالات.
دخلت الشقة وقالت:
ريهان: هو في أيه؟ البلد مقلوبة كده ليه؟
أسر: معرفش.. تعالي، عايزك في حوار بس لما أخلص اللي في إيدي.
ريهان: تمام، وأنا هقعد على اللاب شوية.
وبعد فترة، أنهى أسر عمله واقترب منها.
أسر: بتوثقي فيا؟
ريهان بتوتر: أيوه.. بس ليه؟
أسر: دلوقتي في مشاكل كتير سواء في شغلنا أو في البلد، وممكن يحصل غدر في أي وقت... وأنا بحبك ومقدرش أستغنى عنك.
ريهان بقلق: في أيه يا أسر؟ بتتكلم كده ليه؟ مش اتفقنا نقفل الموضوع ده؟
أسر: وأنا ما اتفقتش.. بس أنا جايبلك الشريحة دي علشان أعرف مكانك في أي وقت.
ريهان: ياسلام! أصل لو خطفوني مش هيفتشوني؟
أسر: الشريحة دي مهما فتشوكي، مش هيقدروا يوصلوا ليها.
ريهان: ليه بقى؟
أسر: اتكلمت مع كذا حد أعرفه، وعرفني إن أمن الدولة لما يبعتوا ظابط في مهمة ومبيعرفش يبعت أخباره، بيستخدموا الشريحة دي.
ريهان بصدمة: قصدك تدخلها في جسمي؟
أسر: صدقيني، مش هتحسي بحاجة. بس أنا عايز أطمن.
ريهان: وليه؟ إنت مش هتعمل زيي؟
أسر: أنا مش مهم.. إنتي اللي عليكي الخوف.
ريهان: وأنا مش هعمل من غيرك.
أسر: خلاص، هعمل.. بس مش دلوقتي، مش عامل حسابي.
بدأ أسر يجهز البنج، رغم رفض ريهان.
أسر: إيه الفكرة إنك تحسي بالألم؟
ريهان: علشان أفتكر كل الناس اللي بتتأذي بسببي، وأفتكر موت ريهام.
أسر بصدمة: ليه الأذى النفسي ده؟ ليه بتعملي في نفسك كده؟ إنتي ما أذيتِيش حد، بالعكس.. إنتي اللي بتتأذي عشان البلد، وعشان تجيبي حق أختك.
سكتت ريهان.
أسر: عشان خاطري، خلى بالك من نفسك. لو مش علشانك، علشان أهلك.. مش هيستحملوا صدمة تاني. أنا والله حتى مش هقدر أفتقدك.
ريهان: حبتني ليه يا أسر؟ فيا إيه زيادة مش في البنات اللي عرفتهم؟
أسر بحب: مفيهمش حاجة تشبهك... هما مش ريهان.
لا في جمالك، ولا في طيبتك، ولا في قلبك الحنين، ولا طموحك، ولا شطارتك، ولا جبروتك، ولا حتى في تضحيتك. باختصار، أنا ملقتش زيك في حياتي.
ريهان بدموع: أنا عمري ما سمعت الكلام ده.
أسر مسح دموعها: ومش هتسمعي غيره، ومش من حد غيري.
ريهان: بس أنا كده هظلمك. لو حصل لي حاجة، مش هيبقى جوايا لا مشاعر ولا قلب ولا حتى إنسانة تستاهل تبقى معاها.
أسر: أنا هرجع كل ده.
ريهان: طيب، خلص بقى.. أنا زهقت.
أسر بابتسامة: أنا خلصت أصلًا.
ريهان: بتهزر؟ أنا محسّتش.
أسر بخبث: لدرجة دي بتحبيني؟ بتنسي الدنيا؟
ريهان ضربته بلطف:طيب، قوم شوف اللي وراك. مش قلت إنك عندك شغل؟
أسر: اسم الله عليكي يا حبيبتي، أنا خلصت شغلي..
ريهان فتحت اللابتوب:
ريهان: اتعودت جامد عليا قال "حبيبتي".
وبعد وقت، قالت:
ريهان: في حاجة غريبة أوي حصلت امبارح على النت.
أسر بتمثيل: حاجة إيه؟
ريهان: فجأة النت فصل عند الكل، وكمان كل البرامج، واتفعل تاني بعد ٤ ساعات. قال إيه؟ كانوا بيحدثوا البرامج وبيعّلوا جودة النت!
أسر بتوتر: وإيه المشكلة؟
ريهان: يا ابني، إزاي مفيش مشكلة؟ ده كأنهم متفقين.. زي الهاكر كده.
سكت أسر وعينه زاغت. ريهان حست إنه بيخبّي حاجة. وقفت قدامه.
ريهان: إنت ليك يد في الحوار ده؟
أسر راح ناحية الشباك وتكلم بتوتر: يد إيه بس؟ وأنا مالي؟
ريهان لفت ناحيته: أسر، إنت ليك يد؟ انطق.
أسر بعد إيدها: ده شغلنا، ومينفعش تعرفيه.
ريهان بصدمة: خاص بالريس؟ وأنا معرفش؟
أسر: ما إنتي عارفة.. شغلنا مش أي حد يعرفه، وكمان سري.
ريهان جلست على المكتب: تمام يا أسر. مش عايزة أعرف. بس خلى بالك.
أسر: إنتي زعلتي؟
ريهان بعدم اهتمام: لا عادي، هزعل ليه؟
أسر: عشان من أول ما بدأنا شغل، ما خبيتش عنك. بس صدقيني، دي مكانش ينفع تعرفيها.
ريهان: خلاص يا أسر، عادي بجد.
أسر: طيب لو خلصتي، يلا أوصلك.
نزلوا سوا، وسمعوا خبر حرق سنترال رمسيس.
ريهان بضيق: طبعًا ده الشغل اللي كنت شغال فيه؟
أسر: متقلقيش، اتأمن كويس. هما بس عايزين يخفوا شوية معلومات، وده هيأثر في اقتصاد البلد.
ريهان: برافو! وأنت ساعدتهم في كده؟
أسر وقف فجأة:
أسر: ريهان، قولتلك مية مرة، متكلميش معايا بالطريقة دي! أنا مش فاهم؟ ده شغلي زي ما هو شغلك. اتطلب مني، ونفذته. وأكيد محدش هيتضر. أنا كنت باتصال بأدهم كنت!
ريهان بحزن: أنا آسفة، مقصدش.. أنا بس قلقة إنهم بيستخدموك في شغل بعيد عني.
اليوم التالي، كانت ريهان وأسر في المكتب، والشبكة واقعة.
أسر: امشي يا ريهان، أنا اتكلمت مع الريس، وهنأخد أجازة يومين لحد ما المشكلة تتحل.
ريهان: أنا كان ماشي معايا موضوع.
أسر: في إيه؟
ريهان: كلموني علشان أحاول أسيطر على الوضع. أنا وكذا حد. بعد الحريق امبارح، في كوارث بتحصل. كل حاجة واقفة: حجوزات، شغل، اتصالات، نت، طيران.. كل حاجة واقفة.
أسر: وأنا مش معاكي ليه؟
ريهان: معرفش بقى.. هما طلبوني أنا. هقابلك بالليل، باي.
ذهبت ريهان للموقع، خضعت لتفتيش ذاتي، ثم قابلت الفريق، وعرفت كل المشاكل، وبدأت تحلها هي وباقي الزملاء.
أما أسر فكان ذاهبًا وآتيًا في الغرفة، يشعر بالاختناق.
أسر: أربع ساعات يا ريهان، وتليفونك مقفول! يعني أنا أخرب، ويطلبوا منك تصليحي؟ ما أصلح أنا!
في اليوم التالي، خرجت ريهان لتكمل شغلها في الموقع، وأخيرًا أنهته.
وبمجرد خروجها، وصلتها رسالة من أدهم يطلب مقابلتها.
ذهبت فورًا، ووجدتهم مجتمعين.
ريهان: في إيه؟ أكيد مش متجمعين عشان مشكلة رمسيس، أنا حليتها.
علي: جالنا معلومات إنهم عايزينك.
ريهان: عايزني إزاي؟
أدهم: الريس عايز يقابلك.
ريهان بدهشة: أخيرًا!
أسر: إنتي فرحانة على إيه؟ يعني لسه قريب كانوا بيقولوا إنهم شاكين فيكي، وآخر مهمة عملتها كنتي لوحدك. وفجأة، يجينا خبر إنه عايز يقابلك؟
ريهان: إن شاء الله يقتلني، بس أعرفه.
علي: مش هيوصل لكده، بس لازم نأمنك كويس.
ريهان: المهم عندي.. نعرفه بس
على:ادهم خدها عرفها كل المعلومات وجهزها
كانت ريهان لسه خارجة من غرفة السيرفرات، عينيها فيها إرهاق وهدومها عليها تراب خفيف من كتر الشغل، لكنها حاسة برضا… حلت أزمة كبيرة.
وقبل ما توصل للباب، لمحت واحد جاي ناحيتها… بدلة رسمية، ونظرة مش مألوفة.
الراجل بابتسامة جامدة:
– "أستاذة ريهان… حضرتك مطلوبة فورًا. تعليمات مباشرة من فوق."
ريهان باستغراب:
– "من فوق؟ مين بالظبط؟"
– "ممنوع أقول. العربية مستنيا برّه."
سكتت لحظة، قلبها دق بسرعة، لكن ملامحها فضلت ثابتة.
بصّت حواليها… ما فيش أي تفسير واضح، بس هي متعودة على المفاجآت.
ركبت العربية السودا، الزجاج معتم، السواق ساكت، والموبايل اتسحب منها أول ما دخلت.
الطريق كان طويل… ومرعب في صمته.
وصلوا… بوابة حديد ضخمة فتحت أوتوماتيك، ودخلوها لمبنى مافيهوش أي ملامح مميزة.
دخلت جوّه… اتفتحت باب غرفة بهدوء،
السكون كان مرعب...
ريهان دخلت أوضة ضلمة، حيطانها معدن رمادي، وسقفها واطي، كأنها زنزانة فخمة.
اتقفلت الباب وراها بخبطة واحدة... قلبها وقع.
كانت واقفة لوحدها، مفيش صوت...
بس فيه ريحة عطر كانت تعرفها كويس.
بصّت حواليها، عينيها بتدور...
وفجأة... النور ضرب في وشها.
صوت أنثوي جه من الركن:
– "مش كنتي بتحلمي تشوفيني تاني؟"
ريهان اتجمدت.
الأنفاس اتحبست، وحست برجليها بتتهز.
جسمها لف لوحده ناحية الصوت.
وبعينين مفتوحة ومش مصدقة، نطقت بحروف مش طاوعاها:
– "ريهام...؟"
قولوا رايكم في البارت وحد كان متوقع أن ريهام عايشه وتفتكروا عايشه ازاي





تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة