
رواية دلال والشيخ الفصل الثالث العشرون 23
بقلم شيماء سعيد
فكرت أن أهديك عمري واكتشفت بأنّه ملكك، فأردت أن أهديك قلبي فوجدته بيتك، قلبي لك يا من ملكت كل القلوب وعهدي لك أني سأبقى رفيقك في الدروب
خواطر دلال ❤️
..............
غادر بالفعل أحمد ودلال بعد عقد القران تحت أنظار شيكو وتميم
ليُتمتم شيكو بسخط: يلا ملهوش فى الطيب نصيب ثم نظر إلى ياسمين فوجدها تتثائب وتُغمض عينيها للحظة ثم تفتحتها وتُغمضها مرة أخرى .
فحرك رأسه وضغط على اسنانه بغيظ قائلا: سلام قول من رب رحيم، أنا عارف ميلة بختى، الهانم بتنام على نفسها وأنا اللى قولت الليلة ليلتى وهنسهر نحب فى بعض .
ثم تحرك نحوها لبطىء ووقف أمامها وصاح بصوت عالى فزعها: ياااااااااسمين .
فوقفت ترتجف وترمش بأهدابها وهمست دون وعى: سبينى _أنام شوية كمان يا نغم .
فضرب شيكو كفا بكف وقال: عليه العوض ومنه العوض.
امرى لله هاخدها تتلقح تنام على الله وعسى بكرة تكون فاقت شوية عشان أعرف أتكلم معاها.
وعندما غادر شيكو، أقترب تميم من تقى ورفع كف يدها وقبله بحنو قائلا: الجميل عايز منى حاجة قبل ما أتوكل على الله أروح أوصل الحجة وأرجع أنام عشان الشغل فى الورشة .
ابتسمت تقى على خجل: عايزة سلامتك، لما ترجع بس رنلى قبل ما تنام عشان أطمن عليك .
تنهد تميم بارتياح وأدرك أنه لم يخطىء فى الإرتباط بطَيبة القلب تلك بل ندم أنه لم يعرف قدرها منذ البداية .
ثم أخذ والدته وغادر .
جلست دلال بجانب أحمد فى السيارة وفى داخلها مشاعر مختلطة بين السعادة والحزن.
السعادة لأنها أصبحت زوجة لرجل طالما حلمت به وتمنت أن تكون له والحزن لإحساسها أنه يعاملها بدونية لماضيها الذى يخجل منه وليس لها يدًا به بل كانت مضطرة لذلك .
وظل أحمد صامتا طوال الطريق لم يحدثها ولم ينظر إليها فحدثت نفسها:
_ ماله ده؟
ماشى يا أحمد براحتك، إتقل التقل حلو برده، بس على قد ما أنا بحبك ومصدقت اتجوزك على قد ما هوريك دلال الراقصة اللى بتستعر منها واتجوزتها شفقة هتعمل ايه !!
إما خليتك تلف حولين نفسك لغاية ما تيجى وتعترف بحبك ليه وتدينى حقوقى عليك مبقاش أنا دلال .
ثم أخذت تتأمل تفاصيل وجهه التى تعشقها بحب وتستنشق رائحة عطره الجذابة لتبدء فى أول خطوات المكر .
فاصطنعت النعاس وأخذت تتثاؤب بكثرة، حتى لاحظ أحمد ذلك فنظر إليها وجدها تغمض أعينها فتوتر وهمس: ايه دى دى بتنام على نفسها ولسه السكة طويلة، أعمل إيه لما نوصل هصحيها إزاى عشان تنزل طيب لو مصحتش أعمل إيه ما هو يستحيل أشلها لا مقدرش دى فيها نهايتى ومش ضامن أعصابى هتستحمل ساعتها ولا ايه، ده مش بعيد يعنى ..
ثم عاتب نفسه: ايه يا شيخ أحمد أنت مراهق ولا ايه، مش هتقدر تتحكم فى أعصابك لدقائق مش معقول ، لا أجمد كده وافتكر العهد اللى قطعته على نفسك انك مش هتحن ولا تلمسها إلا لما تكون الزوجة اللى بتتمناها .
اخذت دلال تترنح برأسها قليلا ثم حاولت التقرب منه بجسدها لتضع رأسها على كتفه، فتوتر أحمد وارتجف قليلا عندما لامست رأسها جسده.
فهمست دلال بمرح:حلاوتك يا مولانا، بس أثبت كده عشان أعرف أريح حبتين .
والله وخلاص أخيرا يا بت يا دودو هدوقى طعم الراحة بعد سنين العذٖاب والشقا .
بس ايه ريحته القمر دى، عسل عسل وبجد دوختينى وهتخلينى أنام بجد،لتذهب بالفعل فى نوم عميق حتى هدأت أنفاسها .
فجاهد أحمد حتى يسيطر على ذلك البـ.ركان الذى إشتعل فى جسده لأقتربها منه لهذا الحد ولكنه فى ذات الوقت لا يعلم سر ارتياحه لما فعلته ووجد نفسه يبتسم ويختلس النظر الى وجهها البرىء بين الحين والأخر.
وأخذت ترواضه احساسيس ضارية وود لو حاوط ظهرها بيده وأطبق قبلة حارة على جبينها
بل تمنى أن لو يدخلها داخل قلبه لتعلم أن ليس هناك من تربع على عرش قلبه سواها .
اه دلال واه من حبك الضارى الذى حطم كل حصونى
فرفقا بى سيدتى فأنا الشيخ وأنتِ فاتنتى .
وظل هكذا حتى وصلا إلى الفيلا فتسائل: ها يا بطل هتعمل ايه دلوقتى ؟
_اه لازم تصحيها ، ايوه أنا معنديش الدلع ده ، قال أشيل قال.
ثم استطرد: ولا أقولك يا شيخ أحمد، شيل وقربها من قلبك وضمها ليك، فرصة وهى نايمة مش هتتعوض عشان مش هقدر تعمل كده وهى صاحية .
ليحملها بالفعل وينزل بها من السيارة وأغلق الباب بقدمه، ليتفاجىء بتلك الماكرة تحاوط عنقه بيديها وتهمس باسمه وتعترف بحبه: بحبك يا أحمد .
فارتجف قليلا ولكنه حاول الثبات حتى لا تسقط من بين يده وحدث نفسه: يا ويلك يا أحمد منها، مش قولت هتشيل أديك شيلت بس فى نفس الوقت مش قادر تشيل نفسك.
وتقولها إنك مش بس بتحبها الحب العادى ده، أنت بتعشقها .
وعاشق كل تفاصيلها حتى لسانها الفالت منها ده .
ثم وصل بها إلى غرفتها وعندما هم أن يضعها بالتخت وجدها تتشبث بعنقه ثم فتحت عينيها الساحرة التى اذهبت بعقله ليظل متخشبا للحظات يتأملها مرورا بشفتيها المكتظة التى تلهبه شوقا .
لتثيره بذكر اسمه بدلال: أحمد حبيبى وضى عيونى .
ثم حدثت نفسها: وشه أحمر ملهلب مش هيقاوم أكيد ويبوسنى لما أقرب اوى عشان يعملها .
وعندما إقتربت منه حتى كادت تلامس شفتيه، توتر أحمد وارتجف وألقى بها على التخت مستغفرا: استغفر الله العظيم يارب .
أنتِ ايه بالظبط جبلة معندكيش دم وصل بيكى الأمر إنك تتحرمشى بيه يا مصيبة أنتِ.
اه ما أنا عارف كنت مقضياها ، بس يكون فى علمك يا بتاعة أنتِ، أوعى تفتكرى إن عشان كتبت عليكِ بقيتى مراتى خلاص.
أنتِ بتحلمى، يستحيل وحدة زيك تكون مراتى شرعا.
استمعت دلال لإهانتها على لسان أحب الناس إليها بذهول وشعرت كأن ناٖر تجتاح جسدها وتكاد تفتك برأسها حتى تلونت عينيها للون الأحمر القانى وارتجفت شفتيها ولم تستطيع أن تتفوه فى تلك اللحظة الا بكلمة واحدة صدمت أحمد: أطلع بره أنا مش عايزة أشوفك يا أحمد .
أنا بكرهك، بكرهك .
ثم انفجرت فى البكاء، ليتخشب أحمد للحظات ينظر إليها بتيه لا بدرى ما يفعل.
فهو يدرك حقيقة ما قاله ويعلم جيدا أنه خاطىء ولم تكن تلك طريقته فى التعامل قط بل كان هش ناعم لا ينطق لا بالخير والكل يحبه ولكن لا يعلم لماذا أمامها هى يكون بتلك الغليظة والشدة بل هى ربما أنانية لمحاولة إنكار ذلك الحب الذى ينهش قلبه .
لذا لم يستطيع نطق كلمة واحدة أخرى وطالعها للحظات بعين نادمة ولكن لم يقوى لسانه على الإعتذار ثم خرج مسرعا وأغلق الباب بقوة من ورائه، فأسرعت هى للباب تتطرقه بكل قوتها وتعيد ما قالته بغصة مريرة:
_ بكرهك يا أحمد، وخسارة الحب اللى حبتهولك، خسارة .
وظلت هكذا للحظات تكرر كلماتها وهى تبكى حتى إنهارت وجلست فى الأرض وهو من وراء الباب يستمع إلى شهاقتها المتكررة ويود أن يفتح ذلك الباب اللعين الذى يفصل بينهم ليضمها إليه ويعتذر ويفشى لها سره أنه يعشقها من صميم قلبه ولم ولن يرى غيرها أبدا .
ولكن باليد حيلة ليتحرك بعدها إلى غرفة أمه ليطمئن عليها .
وعندما رأته تهلل وجهها فرحا وأخذت تردد اسمه أحمد احمد .
فابتسم واسرع إليها واحتضنها بحب فأخذت تمسد شعره بحنو .
ليبتعد عنها قليلا ثم بدء يحدثها عما ما فى صدره وهو يعلم أنها لا تفهم شىء ولا تدرك اى شىء فى الحياة سوى قلبها الذى يشعر بها .
أنا عايز أحكيلك اللى فى قلبى يا أمى رغم إنى عارف إنك مش هتفهمينى بس مش قادر أكتم اكتر من كده حاسس إنى هنـ.فجر .
أنا بحب دلال اوى رغم ماضيها اللى مفيش راجل يتقبله بس ملعون الحب اللى خلانى أقبله وأنا عارف ومتأكد أنه كان غصب عنها وعارف برده أنها بتحبنى وعشان كده اتجوزتها ونفسى فعلا انسى ماضيها ده وابدء معاها من جديد وأعيش طعم الحب اللى فضلت محروم منه طول عمرى بس مش قادر أخد الخطوة دى وبٖعذب نفسى وبٖعذبها معايا .
وبقول يمكن لو اتغيرت ومع الوقت التزمت بححاب شرعى وعرفت تطبق شرع ربنا وسنة رسوله ساعتها هقدم ليها قلبى على طبق من دهب بس مش عارف ده هيحصل إزاى ولا أبدء منين ..
وفى تلك اللحظة كانت عمته عفاف على باب الغرفة قد استمعت لما يجيش به صدره ومقدار محبته لدلال.
فولجت إليهم واقتربت من شمس وقبلتها بحنو فابتسمت لها وكأن قلبها يشعر بها ويمتن لها بكل ما قدمته لها .
ثم ربتت على كتف احمد بحنو وقالت بحب: حبيبى يا ابن الغالى، مكنتش أعرف انك قلبك حساس اوى كده، بس ليه معذب نفسك يا ابنى ومعذب البنت معاك وانت عارف انها بتحبك .
وهى عشان بتحبك هتعمل كل اللى تقول عليه وتسمع كلامك وتراضيك بس أنت الأول عاملها بما يرضى الله وغرقها بحبك وحنيتك ساعتها هتبقى زى العجينة تشكلها زى ما أنت عايز .
ابتسم أحمد بوهن وقال بخفوت: أنا عارف ده يا عمتو.
بس أنا مش عايز تعمل ده عشان بتحبنى بس، وعند أول مشكلة بينا أو مع الوقت حبها ليه قل ترجع زى ما كانت .
أنا عايز تعمل ده عشان مقتعة بيه وقربت فعلا من ربنا ونفذت شرعه بنفس راضية طمعا فى رحمته والفرق بين الاولى والثانية كبير اوى .
أنا عايزها تغسل كل اللى جواها وتبدء بصفحة نضيفة، وترضى الخالق مش المخلوق .
عفاف: حيرتنى يا ابنى، ودى هتعملها إزاى عشان الهداية دى بتاعة ربنا .
أحمد: مهو ده اللى محتاج حضرتك تعمليه لإنى أول مرة احس إنى عاجز قدام حد.
فأنا هفهمك توصلى ليها المعلومة إزاى، وكمان هديكِ كتب وفيديوهات تساعدك لمشايخ بيدخلوا القلب بسرعة .
ده غير هشوف ليها معلمة قرآن تحفظها كتاب الله.
ولو سمحتى كمان طلب صغير ، لو تقدرى تدخللها دلوقتى تطيبى بخاطرها لأنى قسيت عليها غصبا عنى .
ابتسمت عفاف واومئت برأسها قائلة: حاضر يا ابنى، ربنا يسعدك أنت وتميم ابنى اللى مش عارفة اللى عمله ده صح ولا غلط وهيضيع عمره على الفاضى.
احمد: تميم راجل وعمل الصح والأعمار بيد الله ومتأكد ان ربنا هيعوضه خير .
عفاف: يارب يا حبيب عمتك .
لما أروح بقا أراضى البُنية .
فذهبت إليها عفاف وطرقت الباب قائلة: أنا عفاف يا بنتى ممكن أدخل ؟
فأزالت دلال سريعا تلك الدموع العالقة فى أهدابها ثم رسمت ابتسامة مصطنعة على وجهها وذهبت لفتح الباب ورحبت بها: أهلا بيكى يا عمتو .
ابتسمت عفاف رغم الحزن الذى أصاب قلبها من أجل تلك المسكينة التى تلونت عينيها بالحمرة بسبب كثرة البكاء وذبل وجهها .
_ حلوة اوى منك كلمة عمتو يا حبيبتي.
وانا جيت عشان نتكلم مع بعض شوية .
دلال: أتفضلى حضرتك طيب إرتاحى الأول .
فجلست عفاف: أولا يا بنتى مبارك زواجك من أحمد ، أحمد ده سكرة العيلة والكل بيحبه وصدقينى عمرك ما هتندمى انك اخترتيه .
تنهدت دلال بحرارة واستطردت بغصة مريرة: المهم هو اللى ميندمش يا عمتو .
ثم أستطردت بعبوس: سكرة ايه بس، تقدرى تقولى بصلاية العيلة اللى بتخلى عينى تدمع، ده جبار والله .
فضحكت عفاف وقالت: هو كده القط مبيحبش إلا خناقه .
دلال: أنا فعلا بحبه بس اللى عمله معايا من شوية خلانى أكره حبى ليه وحاسه إنى خلاص مش هقدر أستحمل إهانته ليه اكتر من كده وعايزة أسيب البيت وامشى بس قلبى مش مطاوعنى عشان خايب أنا عرفاه بس لحد امتى يا عمتو استحمل انا تعبت .
ثم بدئت فى البكاء فاشفقت عليها عفاف وأخذت تلمس شعرها بحنو وقالت: هو من جهة خايبة اه متزعليش منى اه خايبة.
عشان مدلوقة عليه، انشفى يا بنتى شوية، ومتديهوش وش وفى نفس الوقت شغليه من بعيد لبعيد لغاية ما يسلم الراية ويجى لغاية عندك ويقول عايزك .
ابتسمت دلال بمكر وقالت: يعنى قصدك ..
فضحكت عفاف: ايوه هو اللى جه فى بالك، مفيش غيره استخدمى سلاح الأنوثة اللى بيجيب الراجل على منخيره .
استنكرت دلال ذلك بقولها: بس أحمد يعنى مش اى راجل ينفع معاه الكلام ده وعنيد اوى.
عفاف: لا هو مش عنيد هو صابر بس لغاية ما تكونى الإنسانة اللى كان نفسه يتجوزها.
إنسانة ملتزمة بحجاب شرعى وحافظة كتاب الله عشان تربى ولاده على الشرع وسنة الحبيب المصطفى.
دلال: أنا مستعدة أعمل كل حاجة هو عايزها المهم يفتحلى قلبه وأشوف الحب اللى يتمناه فى عينيه ويعاملنى كزوجة بجد وينسى الماضى بتاعى ونبدء أنا وهو من جديد .
يااااه نفسى اوى إمشى أنا وهو فى الشارع ماسكين ايد بعض واقول للناس كلها أن ده جوزى وحبيبى .
بس للأسف حساه حلم عمره هيتحقق وهيفضل طول عمره شايفنى رقاصة وإنسانة مش كويسة جابها من القسم .
ده كله كوم والكوم التانى جوازه من بنت عمه اللى هتكون هى مراته قدام الناس وبت الحسب والنسب اللى هيتشرف قدام اى حد لكن أنا مين انا حتة رقاصة اتجوزنى شفقة أو عايز ياخد ثواب فيه مش اكتر. .
نظرت لها عفاف طويلا قبل أن تُجيبها: كان عنده حق أحمد لما قال أنا عايزها تتغير عشان ربنا مش عشانى لأن التعلق بربنا موصول ودائم لكن التعلق بالعبد الأيام بتغيره .
أما حتة بت عمه وقدام الناس والكلام ده مش هقول معندكيش حق يا بنتى بس الأهم من ده كله مين اللى فى القلب، مين اللى اتجوزها رغم زى ما قولتى ماضيها .
فتحت دلال عينيها على اخرهما قائلة بعدم تصديق: تقصدى أن بجد أحمد اتجوزنى عشان بيحبنى مش شفقة .
اومئت عفاف برأسها قائلة: اه يا بنتى لازم تعرفى كده كويس ومش شفقة زى ما بتقولى .
لو شفقة مكنش أصلا ليه داعى للجواز، وكان شفلك شغلانة حلال ومطرح تقعدى فيه وخلاص لكن جواز ويربط اسمه باسمك ده حب بس مكابر لغاية ما قلبك يتعلق بالله عشان هو ربنا رحيم لطيف ودود يستحق الحب والعبادة لنفسه مش عشان عبد .
دلال بتيه وعدم فهم: يعنى ايه أنا مش فاهمة هو فيه حد ميحبش ربنا بحبه طبعا .
عفاف: كلنا بنحب ربنا بس الطريق ليه هو اللى لازم نعرف وأول خطوة هى كتاب الله لانه بيشرح الصدر لأى حاجة بعدها وكل ده لازم نيتنا تكون مخلصة لله وبس مش عشان حد.
دلال: وانا والله قلبى ابيض ومستعدة لأى حاجة تقربنى من ربنا .
........
غادرت فى الصباح الباكر شهيرة إلى جامعتها وأصرت على أن تذهب بمفردها ولا يقوم سفيان بتوصيلها كما اعتاد وهذا بسبب الخوف الذى تغلغل بداخلها من ذلك الذى يراقبها ويبعث لها تلك الرسائل بقصد أفساد حياتها .
لذا خافت أن يتعرض لها فى الجامعة ويراه سفيان ويظن بها السوء .
ولكن أدى إصرارها إلى الذهاب للجامعة بمفردها إلى إثارة الشكوك فى قلب سفيان فحدث نفسه: مش عارف قلبى مش مطمن لشهيرة اليومين دول، ولولا انى واثق إنها عمرها ما تغلط لأنى أنا اللى ربتها على أيدى لكنت قولت فيه حاجة .
ثم استغفر الله واستطرد: استغفر الله العظيم يا سفيان، حاجة ايه وبتاع ايه، أنت متخيل أنك بتكلم عن شهيرة بنت قلبك .
بس فيه إيه يا ترى ما هو توترها والقلق اللى ظاهر على وشها وإصرارها تروح لوحدها مخلى الشك يدخل قلبى .
وخايف أندم انى دخلتها الجامعة المخروبة دى بأيدى
وفتحت عينيها على الدنيا والأرف اللى فيها بعد ما كانت قطة مغمضة متعرفش حد غيرى .
خايف اوى بجد اخسرها واخسر نفسى معاها
وفى داخل الجامعة لاحظ كريم مجىء شهيرة فقام على الفور ينفذ ما خطط لكى يلفت انتباها له ويستطيع ترويض تمردها ليحصل منها على ما يريد كما تعود .
فتقدم منها واسرع من خطواته ليصدم بها على غفلة منها لتظن ذلك خطأ ما غير مقصود .
وبالفعل اصطدم بها فسقط ما كان بيدها من كتب .
فغضبت شهيرة ورمقته بحدة قائلة: أنت ايه اعمى مبتشوفش يا اخينا أنت .
كده وقعت الكتب اتفضل بقا هاتهم، لإنى مش هوطى قدام الناس ألمهم ميصحش .
بحلق كريم بها لجرئتها فقال مندهشا: ايه الأسلوب ده يا آنسة،وانا أصلا كنت من نفسى هوطى اجيبهم واعتذر لحضرتك لكن أنتِ أسلوبك بيئة وبتأمرى كإنى شغال عندك .
هو أنتِ متعرفيش أنا مين ولا ايه يا آنسة ؟
شهيرة بإنفعال: ان شاء الله تكون ابن وزير حتى ميهمنيش يا اخينا ويلا هات الكتب وابعد عن طريقى عشان ألحق المحاضرة .
فضغط كريم على أسنانه بغيظ بعد أن أدرك أنه تلك العنيدة لا يغريها شىء ولكن أقسم أن ينالها بإى طريقة ثم انحنى وألتقط كتبها وناولها إياها قائلا: أتفضلى يا آنسة .
فابتسمت شهيرة مرددة: والله ما فيه حاجة حلوة فيك الا كلمة آنسة يا محترم، ياريت بس النصيب .
أنا مدام يا أسمك ايه وعندى طفل كمان .
يلا سلام وبعد كده ابقا بص قدامك كويس .
ثم تركته وذهبت مسرعة للمدرج.
ليقف كريم فى مكانه مندهشا وأخذ يردد:مدام، دى كده إحلوت على الأخر والمغامرة هتكون احسن معاها .
.......
كانت زينب تجوب غرفتها طوال الليل من الغيظ منتظرة بفارغ الصبر شروق الشمس بعد أن تغلل بداخلها شعور الانتقام من أسماء تلك الطفلة التى استطاعت بمكرها هز اركان عرشها الذى تمتعت به سنوات طويلة واستطاعت أسماء أن تأخذ منها شفيق الذى كان بمثابة الروح لديها لذا كان عليها أن تتخلص منها سريعا حتى يعود إليها مرة أخرى طفلها المطيع .
وظلت هكذا حتى طلوع شمس يوم جديد، فلمعت عينيها بلذة الانتقام وامسكت بكوب اللبن والفطير بعد أن أعادت تسخينه ثم توجهت نحو شقة شفيق وأخذت تطرق الباب عدة مرات .
كان حينها شفيق يغط فى نوم عميق فى غرفة الأطفال بعد أن رفضت أسماء أن يُيبت معها أو حتى يلمسها لنفورها منه وكانت هى من استمعت لطرق الباب اولا، فذهبت لترى من سيأتيهم فى تلك الساعة المبكرة .
وعندما رأت أسماء أنها تلك الحية زينب فزفرت بضيق وهمست: ايه اللى جيبها دى على الصبح .
وايه اللى شيلاه على ايديها ده لبن وفطير، طالعة تفطر النوغة بتعها ، هو مش بسلامته خلاص اتفطم ولا لسه ؟
ومش قادرة الجِبلة دى تحس أنه بقا راجل طول بعرض ومتجوز، طيب ماشى يا زينب، مكنتش هحسرك عليه وعلى تربيتك الطين ليه مبقاش أنا أسماء .
ثم ذهبت مسرعة إلى غرفة شفيق تيقظه بدلال مصطنع: شفشق حبيب قلبى اصحى يلا .
ففتح شفيق عينيه وتعجب من رؤيتها وكلامها المعسول فقال بذهول: هو اللى انا شايفه ده حقيقى ولا أنا لسه بحلم بيك يا سمسمة ومعقول أنتِ قدامى وبتصحينى على صوتك الجميل ده .
أسماء: اه طبعا يا حبيبى، هو أنا ليه حبيب غيرك .
ابتهج شفيق وحاول ضمها إليه ولكنه استمع الى طرقات عنيفة على الباب بعد أن ملت زينب من الانتظار فأخذت تطرق الباب بشدة لتيقظهم رغما عنهم .
فزفر شفيق بضيق قائلا: هو ده وقته، بس مش مهم خلى يخبط يخبط .
تعالى أنتِ فى حضنى يا حبيبى، متصوريش وحشانى قد ايه لدرجة انى طول الليل بحلم بيكِ يا سمسمة .
بس فى نفس الوقت زعلان منك اوى عشان اللى عملتيه معايا وأنتِ عارف انى هموت عليكِ.
فحدثت أسماء نفسها: الهى تموت أنت وأمك يا بعيد فى ساعة واحدة ونخلص من شركم .
ولكنها ابتسمت ابتسامة صفراء واستطردت: لا مقدرش على زعلك يا حبيبى .
وعندما هم شفيق أن يقبلها إبتعدت عنه مع ازدياد طرقات الباب قائلة: يووه بقا مش هنخلص أنا صدعت صراحة
قوم يا شفيق شوف مين بيخبط وبعدين نبقا نكمل كلامنا على رواقة .
شفيق: يووه مفيش فايدة ديما يجى العزول فى أجمل لحظة بينا، ده اكيد حد بصصلى فى الجوازة دى .
ليقوم غاضبا متجها نحو الباب وفتحه ليرى والدته فتجهم وجهه قائلا: خير يا حاجة، فيه حاجة حصلت عشان تجيبك بدرى كده .
زينب بتهكم: ايه يا شفيق مالك وشك مقلوب كده، وشكلك منمتش تكونش بنت الرفدى نكدت عليك وطيرت النوم من عينك .
وعندما هم شفيق أن يرد على كلماتها، استوقفته أسماء عندما اقتربت منه بدلال ووضعت يدها على كتفه بحنو قائلة وهى تطالع زينب بمكر: معلش بقا يا حماتى، أنتِ عارفة العرسان مش بيجلهم نوم من العسل .
بس ايه اللى جابك كده وايه اللى فى ايدك ده ؟
لبن لا اشربيه أنتِ شفيق اتفطم خلاص .
ضغطت زينب على شفتيها بغيظ ولكنها حاولت ألا تظهر الغيظ وتوددت إليها قائلة: لا ده ليكى يا عروسة، عشان عارفة شفيق ميحبش اللبن بس بيحب الفطير من ايد أمه حبيب أمه .
حركت أسماء شفتيها مستنكرة: لا والله من امتى الحنية دى يا حماتى.
زينب: احنا بيت كرم يا أسماء وأنتِ خلاص بقيتى مرات الغالى وغلاوتك من غلاوته .
يلا خدى الكوباية من ايدى يا مرات الغالى .
فاخذت منها أسماء الكوب وقالت من يد ما نعدمها ثم همست: يارب نعدمها قريب .
لترفعه على فمها وزينب تنظر إليها بتشفى وتجلت الفرحة على وجهها ...
نختم بدعاء جميل ❤️
*اللهم خفّف عنا حرَّ الدنيا، وأجرنا من نار جهنم، وارزقنا الجنة ونعيم الجنة، وما قرب إليها من قولٍ وعمل، برحمتك يا أرحم الراحمين.*