
رواية عشقت فتاة المصنع الفصل التاسع عشر 19 بقلم صفاء حسنى
مسكت زينب الورقة بإيدين بتترعش، عينيها بتتنقل بين الحروف والخطوط، صوت نفسها بقى متقطع كأنها بتكتم شهقة.
مسكت زينب الورقة بإيدين بتترعش، عينيها بتتنقل بين الحروف والخطوط، صوت نفسها بقى متقطع كأنها بتكتم شهقة.
#رفعت عينيها على زياد وقالت بصوت واهي بين البكاء #والخوف:
– "يعني… يعني أنا بنتهم ؟!"
#قرب محمد منها، ودموعه بتنزل من غير ما يحس، مدّ إيده ولمس وشها بخفة:
– "أيوه يا بنتي… بنتي اللي راحت ورجعتلي بعد سنين وجع."
#صرخت ياسمين وهي مش مصدقة:
– "يعني… زينب بنتى ؟!"
#بكت زينب أكتر، وقربت منها ياسمين وضمّتها، حضن كله دموع وفرحة وخوف ممزوجين ببعض.
أما مؤمن، فكان واقف مكانه، مش قادر يصدق اللي سمعه.
بصّ على زياد وقال بارتباك:
– "طب ليه خبيت علينا ده كله يا زياد؟ كنت ممكن تغيّر مصير عيلة كاملة لو قلت من الأول!"
#تنهد زياد وقال بنبرة جادة وهو بيبص لمؤمن مباشرة:
– "ما كانش ينفع أقول قبل ما أتأكد. محمود حاول يضحك علينا ويستخدم كل حاجة ضدك، وكان ممكن يلفقلك تهمة. أنا كنت متابع كل التفاصيل خطوة بخطوة، ولما التحليل طلع النهارده بس، فهمت الحقيقة.
كنت عايز أمهّد الأمور بهدوء... بس الأحداث سبقتنا."
سكت لحظة، وبصّ في عيون زينب وقال بلطف:
– "الحقيقة إنك مش بس بنت عم محمد ، إنتي كمان بنت البيت ده... بيت الأصول والكرامة، واللي كانوا ميعرفوش من سنين ان عندهم بنت ."
انهارت زينب على ركبها من الصدمة، صرخة مكتومة خرجت منها وهي مش قادرة تستوعب اللي سمعته.
جرى ياسمين ومؤمن يشيلوها، دموعهم نازلة من غير وعي، وكل اللي في المكان كان بيبكي… لحظة غريبة، تجمع فيها الفقد والرجوع، الوجع والفرحة، الصدمة والأمل.
رفعت زينب وشها لزياد، نظرتها كانت كلها وجع وغضب وقالت بصوت مبحوح:
"يعني إنت عايز تفهّمني إن الست دي أمي؟!"
وشاورت على ياسمين وهي بتترعش.
"والرجل ده أبوي؟!"
وشاورت على محمد.
"وصاحبك أخوي؟!"
صوتها ارتفع وهي بتكمل:
"طيب ليه كل الفيلم ده؟ ليه اخترعت القضية عشان تستغلّني وتعمل تحليل؟! وبحجة إنك بتحميني وعايزني أشتغل معاك؟!
ما كنت تكون صريح من الأول وتقولّي عايز توصلني لأهلي!"
كانت عينيها بتدمع وهي بتكمل بنبرة وجع حقيقي:
"وأنا اللي كنت بقول عصبيتك وإصرارك إنّي معرفش حاجة من عصام، رغم إن كلامه كان صح!
طيب ليه قلت لي مصدقش حاجة؟!
أنا دماغي هتتفرتك… ممكن توضيح؟!"
وقفت بتلهث، صوت بكاها مكتوم، ومفيش في المكان غير أنين مكتوم من اللي حواليها…
الكل منتظر زياد يرد، لكن هو كان واقف، ملامحه جامدة، وصدره بيعلو وينزل من شدة التوتر، وعينيه فيها ألف كلمة قبل ما يتكلم...
وقف زياد قدامها، ملامحه كانت مشدودة وصوته فيه غضب مكتوم:
"هو إنتِ جالك زهايمر ولا إيه؟ بتتهميني بيه دلوقتي؟!
عايز أفهم... مضايقة ليه إنّي بعدتك عن عصام؟!"
نظرت له زينب بتحدي، عينيها فيها شرارة وجع وغضب وهي ترد عليه:
"كنت قولت الحقيقة من الأول، مش تشتغلني وتعرّض حياتي للخطر!"
ضحك زياد بسخرية، خطو خطوة ناحيتها وقال بنبرة لاذعة:
"هو أنا بردو اللي عرّضت حياتك للخطر؟! ولا الشجاعة اللي جوّاك وفاكرة نفسك woman and man؟
وجرحتي الشاب وانا كنت بدافع عنك وهما فضلوا يطاردوكي؟!"
بص ناحية محمد وقال باعتذار بسيط:
"معلش يا عمي من اللي هقوله…
بس البت بنتك دي مصيبة من مصايب الزمن!"
كمل وهو بيشير عليها:
"عاملة بطاقة باسم مزوّر، ومخبية نفسها وبتنزل ميدان القتال كأنها في فيلم أكشن!
ومش بس كده… عاملة فريق اسمه نساء الكينج كونج ولا فريق مصارعة!
لخبطتلي دماغي لدرجة بقيت مش عارف إنتِ إنسانة عادية ولا بطلة خارقة!"
الكل ضحك، الجو اتغير للحظة رغم التوتر، وهما الاتنين واقفين قدام بعض زي ديوكين بيحدفوا كلام بدل ما يحدفوا نار.
ردت زينب بسرعة، ملامحها فيها حماس وعناد:
"ولا كينج كونج ولا مصارعة يا جريتى !
أنا معايا حزام في الكاراتيه، وكان لازم نحمّي نفسنا أنا وبنات الدار!
ومعلش يعني، فيها إيه لما أعمل بطاقة باسم تاني؟ كنت عايزنى أمشي من غير بطاقة شخصية يعني؟!"
وقربت منه بخطوة، صوتها بدأ يتهز من العصبية:
"بس إنت اللي طلعت مش سهل! بتطردني من القاهرة للإسكندرية، ومش بعيد يكون جاسر تابعك!
وعملت كل ده عشان تطلع البطل قدامهم، صح؟
بس تيجي على أعصابي والتوتر اللي عشته خلال أسبوع؟!
إنت كنت بتلعب بيا، وكنت قاصد تخوّفني!"
صمتت لحظة، نفسها بيتقطع، وعيونها مليانة دموع مكبوتة…
أما زياد، ففضل واقف مكانه، بيحاول يخفي ارتباكه، والضحكة الساخرة اللي كانت على وشه بدأت تختفي بهدوء.
---
اقترب محمد من زياد وهو يحاول يكتم تأثره، وقال بصوت هادي جادّ:
"ممكن هدوء، بعد إذنكم؟ اتكلموا عن اللي حصل عشان أفهم ليه الهجوم ده."
وبعدين التفت لزياد وشكره من قلبه:
"ربنا يجازيك خير يا ابني… لو ماكنتش ورا كل خطوة، كنا هنعيش عمرنا من غير ما نعرف الحقيقة."
ابتسم زياد بتعب، وردّ بهدوءٍ عملي:
"أنا عملت اللي المفروض أعمله… ولسه في ملفات لازم تتفتح. لأن ورا خطف بنتك—أم لسان طويل ومدام إيمان—قصة أكبر بكتير من اللي واضح دلوقتي."
نظرت زينب له بغضبٍ واندفاع، وصاحت:
"إنتو بتشكروه بدل ما تسألوه ليه خالي جاسر قرب مني وكان بيحاول يغتصبني؟!"
الكل التفّوا على صوتها وانصدَموا.
ردّ زياد وهو يصفّق بيديه كأنّه عايز يكسر التوتر بالغضب:
"اقسم بالله العظيم! إنتِ مجنونة؟!
أنا اللي عرضتك للخطر؟ ولا أنا اللي حميتك؟"
التفت بعد كده إلى مؤمن بصوتٍ حازم ومباشر:
"الموضوع كله، أخوك مؤمن معرفه بيه ؟ أنا حكّيت لك خطوة بخطوة."
---
نظر له مؤمن باستغراب:
ـ "انت حكيت لي على قضية زينب، وإنك عايز تكشف المافيا اللي بتتاجر في أعراض البنات؟"
هز زياد راسه بإثبات، وقال بهدوء:
ـ "صح، هو ده اللي كنت شغال عليه من وقت ما حققت مع محمود. وقتها حكيلي إن في بنت اتخطفت من أهلها قبل إيمان، وكانت تحت عيونهم وشغالة في مصنع ملابس في إسكندرية. استغربت إنه عارف تفاصيل بالشكل ده، وبدأت أتحرك."
اتنهد زياد وهو بيكمل:
ـ "سافرت إسكندرية، وعملت تحريات عن تقريبًا كل المصانع اللي هناك. وقتها كان لازم وزارة الصحة تساعدني في الموضوع ده، لما أخدت عينة من البنات في المصانع كلها ضمن حملة فحوصات عادية — سكر وضغط وغيره. وفعلاً حاولت أشوف إن كانت واحدة من البنات دي أختك، بس وقتها ماطلعش أي نتيجة مؤكدة."
سكت لحظة، وبعدين قال بنبرة جادة:
ـ "معاد مصنع واحد… المصنع اللي كانت شغالة فيه زينب. هم الوحيدين اللي رفضوا الحملة، وده خلاني أشك فيهم أكتر. تابعتهم أنا وضابط كان متعاون معايا قريب من المصنع، ولما سألته قال لي: لو عايز تعرف كل كبيرة وصغيرة عن المصنع ده، عليك وعلى زينب… بنت جدعة ومبتحبش الغلط. لو شافت شاب بيوزع مخدرات بتجيبه هي والفريق اللي معاها، ومش بيسيبو المنطقة لحد ما يصفّوها."
ابتسم زياد بخفة وهو بيكمّل:
ـ "وفعلاً بدأت أدور على زينب واتتبعها، وكنت مستني أي فرصة أتكلم معاها… ووقتها…"
شهقت زينب وهي بتقاطعه، وعيونها متسعة بدهشة:
ـ "إنت… الكهربائي، صح؟!"
صرخت زينب بصدمة، وصوتها كان بيرتعش من الذهول:
ـ "إنت... ياسر الكهربائي!
كنت حاسة، أقسم بالله كنت حاسة إن ملامحك مش غريبة عليّا،
بس وقتها كنت متنكر بطريقة خلتني أصدق إنك كهربائي فعلاً!"
الكل وقف مذهول، عيونهم رايحة جاية بينها وبين زياد،
ماعدا مؤمن ومحمد أبوها، كانوا متبادلين نظرات فيها استيعاب للحقيقة.
سألتها إيمان باندهاش:
ـ "إزّاي يعني اتنكر؟"
تنفست زينب بعمق، كأنها بتحاول تلم شتات ذاكرتها،
وبدأت تحكي وهي عايشة اللحظة من جديد، صوتها مليان انفعال ودموعها بتلمع:
ـ "كنت وقتها شغالة في المصنع، وفجأة حصل عطل في كابل الكهربا…
كل الماكينات وقفت، ولا واحدة شغالة،
روحت للمدير وقلتله لازم نصلحه فورًا،
بس هو بكل برود قالّي: الكهربائي مش فاضي دلوقتي.
ساعتها صرخت فيه:
ـ يعني إيه مش فاضي؟ هو بيستهبل ولا إيه؟!
المكنات كلها متعطلة، والشغل كله واقف بسبب الكهربا،
هات العنوان وأنا هجيبه غصب عني!"
وبالفعل، خدت العنوان وروحت هناك،
ولما وصلت… شُفتُه.
الباشا بنفسه… واقف قدامي!
ظهره لي، وعيونه الزرق وقت ما لف،
وشعره كان مكتم، ولبسه بسيط زي عمال الورش،
بس ملامحه... ملامحه عمرها ما كانت ملامح كهربائي عادي.
وقتها اتخنقت معاه وقلتله وأنا متوترة:
ـ إنت يا أستاذ! يعني إيه رافض تصلّح كهربة المصنع؟!
(فلاش باك – قبل شهور في مصنع الملابس بالإسكندرية)
كانت زينب واقفة قدام بوابة صغيرة مكتوب عليها "مكتب الصيانة"،
والجو حرّ والمكان كله دوشة عربيات ومولدات،
بس هي كانت مصمّمة تدخل وتشوف الكهربائي اللي "مش فاضي".
طرقت الباب بشدة وقالت بنفَس متضايق:
ـ "يا أستاذ إنت ! افتح، المصنع واقف من الصبح!"
فتح الباب بهدوء، وخرج زياد (المتنكر في شخصية ياسر الكهربائي)،
لابس بدلة شغل زيتية ووشه عليه تراب خفيف،
لكن عيونه الزرق كانوا يلمعوا بشكل غريب يخطف النظر،
وشعره البني الغامق كان متكتم تحت الكاب،
لدرجة إن زينب اتلخبطت أول لحظة وهي بتبص له.
اتنحنح وقال بنبرة باردة:
ـ "هو إيه اللي واقف؟ أنا مش فاضي دلوقتي، عندي شغل تاني أهم."
اتنفسِت زينب بحدة، وحطّت إيدها على خصرها:
ـ "هو في أهم من المصنع؟!
كل المكنات وقفت، والعمال قاعدين، والمدير بيزعق لي كأني السبب!
قوم معايا دلوقتي شوف الكابل، ولا أقولهم إن الكهربائي المحترم رافض يشتغل؟!"
ابتسم زياد بخبث بسيط وقال وهو بيرفع حاجبه:
ـ "واضح إنك حامية شغلك أوي يا أستاذة زينب،
بس برضو... مش كل حاجة تتصلّح بالغُصب."
اتقدمت له وهي بتتكلم بسرعة:
ـ "لأ، دي تتصلّح بالغُصب والرجولة كمان.
الناس دي بتاكل من المصنع، والستات دي وراهم بيوت،
يعني سيادتك لازم تتحرك بدل ما الشغل كله يتشل!"
وقف لحظة وهو بيتأملها، مبهور بعنادها وعينيها اللي بتلمع بالحماس رغم العصبية.
قال بهدوء:
ـ "تمام يا أستاذة، هاجي أشوف الكابل... بس لو طلع مش من الكهربا، هتحلّفي إنك تعتذريلي."
لفت وشها وقالت بإصرار:
ـ "وإنت لو طلع من الكهربا، هتحلف إنك هتيجي تصلحه من غير تأنف تاني!"
ضحك بخفة، ومسح إيده في الفوطة اللي كانت على كتفه:
ـ "اتفقنا... وريني الطريق يا شجاعة."
كانت أول مرة عيونهم تتقابل فيها بشكل مباشر،
لحظة قصيرة بس كأنها سببت شرارة خفية بينهم،
هي شايفاه كهربائي مغرور،
وهو شايفها بنت عنيدة مش شبه أي بنت شافها قبل كده.
ونجحت زينب تقنعه أو هي فاكرة كدة
دخلت زينب قدّامه بخطوات سريعة،
العمال كانوا واقفين على جنب،
ووشوش البنات متوترة من الزعيق اللي طالع من المدير،
لكن أول ما شافوا الكهربائي داخل، الكل سكت.
زياد رفع نظره للسقف وقال بهدوء:
ـ "هاتوا لي سُلَّم وسلك نحاس... والمفتاح الكهربا فين؟"
كانت زينب واقفة قريب منه،
بتتابع كل حركة بيعملها بعينيها،
مش قادرة تمنع نفسها من ملاحظة إن تصرفاته مش شبه أي صنايعي قبل كده،
هدوءه، تركيزه، طريقته في مسك الأدوات،
حتى طريقته في الكلام فيها ثقة غريبة كأنّه متعود يدي أوامر مش ينفذها.
قربت منه وقالت بنبرة شك:
ـ "هو حضرتك متأكد إنك كهربائي؟
يعني شكلك حاسك جي من فيلم ولا إيه؟"
وضحكت البنات كمان
ضحك بخفّة من غير ما يرفع نظره وقال:
ـ "ليه، أول مرة تشوفي كهربائي وسيم ولا إيه؟"
اتسعت عيونها وقالت بسرعة وهي بتحاول تمسك ضحكتها:
ـ "وسيم؟! لا مؤاخذة... بس شكلك مش طبيعي،
يعني ما ينفعش تبقى بتصلّح كهربة وانت لابس ساعة بالشكل ده!"
وقف، وبصّ في عينيها بنظرة طويلة وهو بيقرب منها خطوة:
ـ "واضح إنك بتركزي أوي في التفاصيل يا أستاذة زينب،
بس خدي بالك... اللي بيراقب كتير، ممكن يتكشف أسرع."
سكتت للحظة، قلبها دق بخضة مش مفهومة،
مش عارفة هو بيهزر ولا بيهددها،
بس في حاجة في نبرته خلتها تحس إنها لازم تبعد.
اتراجعت خطوة وقالت بخفّة دم مصطنعة:
ـ "لا متخفش، أنا ماليش دعوة بأسرارك،
كل اللي يهمني الكهربا ترجع والمكن يشتغل."
ابتسم وقال وهو بيبدأ يركب الكابل:
ـ "تمام يا شجاعة... كله هيشتغل حالاً."
وبالفعل، بعد أقل من عشر دقايق،
النور رجع والمكنات بدأت تشتغل تاني،
وصوت الضجيج غطى على كل حاجة.
المدير دخل وقال مبسوط:
ـ "برافو يا ياسر، أنت أنقذت اليوم."
بصّت له زينب بامتنان خفيف وقالت:
ـ "ماشي يا أستاذ ياسر الكهربائي، المرة الجاية لما نندهلك، تيجي بسرعة،
مش كل مرة أهددك بالشغل عشان تتحرك."
ابتسم ابتسامة جانبية وهو بيخلع الكاب:
ـ "والمرة الجاية لما تتخانقي معايا،
احفظي ملامحي كويس... يمكن تحتاجيلي تاني."
فضلت تبص له لحظة قبل ما يمشي،
حاسّة إن فيه حاجة غريبة في طريقته،
نظراته فيها لغز، فيها شيء مش مفهوم...
بس وقتها كانت فاكرة إنه مجرد "كهربائي شاطر ومغرور".
بعد ما صلح الكهربا في المصنع
من بعد اليوم ده، ماقدرتش زينب تنسى ملامحه.
كان بييجي للمصنع أوقات يراجع الكابل أو يشوف حاجة بسيطة، وكل مرة كانت تلاقي نفسها بتدور عليه بعينيها من غير قصد.
لحد ما بقت طريقها للمصنع دايمًا يعدّي جنب ورشة الكهربا.
كانت تمشي بخطوات مترددة، تبص من بعيد من غير ما توقف، بس قلبها دايمًا يسبقها.
كل مرة تشوفه فيها، تحس بنفس الدقة دي في صدرها...
مفيش سبب، بس في حاجة جواه بتسحبها من غير إذن.
وفي يوم، وهي معدّية كالعادة، خرج من الورشة فجأة.
وقف قدامها وهو ماسك مفك في إيده وابتسامته فيها لمعة خفيفة من الدهشة.
ياسر (بنبرة ما بين المزاح والاستغراب):
"هو لسه في مشكلة في الكهربا في المصنع؟ كل يوم أشوفك ماشية من هنا!"
اتجمدت زينب لحظة، وشها احمر وهي بتحاول ترد:
زينب (بتوتر):
"لا… لا خالص، كنت رايحة أجيب حاجات من السوق اللي بعد الورشة."
ضحك بخفة، بصوت دافي غصب عنها خلاها تبتسم رغم إحراجها.
بس فضولها غلبها، وبصت له وقالت:
زينب (بفضول واضح):
"بس… إنت مش باين عليك كهربائي عادي!"
قبل ما يرد، خرج صوت من جوه الورشة.
صاحب الورشة (بنبرة فخورة):
"صح يا زينب، دا ياسر مش صنايعي، دا مهندس كهرباء متخرج جديد، بس مكنش لاقي شغل، فاشتغل معانا مؤقت لحد ما يلاقي فرصة مناسبة."
بصّت له زينب بانبهار، وعيونها لمعت فجأة، كأنها فهمت ليه دايمًا حسته مختلف…
مفيهوش لا كسل الصنايعية ولا غلظتهم، فيه رِقّة وهدوء وثقة.
زينب (بصوت واطي كأنها بتكلم نفسها):
"كنت حاسة فعلاً إن فيك حاجة مش شبه الباقيين."
ابتسم ياسر وهو يرد عليها بنظرة طويلة، فيها غموض يخطف الأنفاس:
ياسر:
"ممكن تكوني حسيتي صح… وممكن لأ."
وسابها ومشي جوه الورشة، وهي وقفة مكانها، قلبها بيتخبط كأنها سمعت وعد مش مفهوم.
---تتبع