رواية الم بدون صوت الفصل الثاني العشرون 22 بقلم خديجه احمد

   

رواية الم بدون صوت الفصل الثاني العشرون 22 
بقلم خديجه احمد


أدهم

الأستاذ يوسف
جهّز القعدة كأنه بيستقبل وزير…
لبّ وسوداني وبمبوني لبان… ناقص بس يعلّق يفطة:
"أخو مراتـي… مرحّب بيك يا باشا".

قعدت… وبصيتله كدا من فوق لتحت.
أنا جاي اختبره…
هو فاكرني جاي أتصاحب!

قالّي بثقة:
ــ نلعب بلايستيشن؟

قلت أكيد هكسب… أو على الأقل نطلع متعادل…
لكن الواد قاعد ماسك الدراع كأنه داخل حرب أكتوبر.

أول ماتش…
جاب فيا خمسة.
خمسة يا جدعان!!!
وبعد كل جول يعمل نفسه مؤدب ويقول:
ــ هارد لك يا أدهم… لسه بسخن.

وبقى يدي نصايح!
ده العيال الصغيرة مبتعملهاش!

واللي يفقع أكتر…
كل جول ييجي، يرفع حاجبه زي بطل المسلسل التركي ويقول:
ــ عادي… مجرد تدريب.
تدرييييب؟!
يا ابن ال.اييههه

وأنا طبعا… راجل ودماغي كبيرة…
قولتله:
ــ سيبك من البلايستيشن… قوم نلعب شطرنج.
قالّي:
ــ مبعرفش.
قلت في سري: الحمدلله… هو ده المدخل.

قعدت أشرحله القوانين…
وبيني وبينك… كنت مخطط أزوّقه لعب كدا وأحطّه في خانة الخسرانين.
بس للأسف…

خمس دقايق ولاقيت نفسي أنا اللي في خانة الخسرانين!

ده بيشتغلني ولا عبقري وانا مش واخد بالي؟!

وفي اللحظة دي دخلت نور…
وبصت على الشاشة وقالت:
ــ هو انت مغلوب يا أدهم؟

رديت بسرعة 
ــ لاااا دا احنا بس بنسخّن.

قلت بس…
الواد ده لازم أحطه تحت الميكروسكوب.
مستحيل يكون طبيعي.
ده غالبًا كان لاعب محترف… أو جاسوس FIFA.

بس أهو… هكمل لعب
لحد ما أطلعله غلطة.
ولو مفيش غلطة…
هعمله غلطة بقى.

كل ما يغلبني يقولي بضحكة بايخة:
__عادي يا أدهم… أول مرة تلعب ولا إيه؟
وأنا قاعد ماسك نفسي بالعافية
عشان لو رديت…
هتطلع خناقة مش لعبة.
بس برغم كدا…
كنت ببصله بنص عين
وبقول لنفسي:
_ماشي يا يوسف… خلي اللعب يعدي… بس لسه الاختبار الحقيقي قدام. ومش هتفلت.
ونور؟
كانت كل شوية تبص من الباب
وهي مستغربة علينا
كأننا طفلين بيتخانقوا على عربية لعبة.
بس أهم حاجة…
إن الليلة عدت من غير ما أرمي الدراع في وش حد.
لسه… الاختبارات جاية يا باشا.

____________________

يوسف – بالليل

الليل جِه…
وأخيرًا أدهم قرر ينام بعد ما قعد "يفرك" ويلمّع في نفسه وكأنه داخل بطولة أولمبية للنوم.

وأنا؟
أنا قاعد ع السرير… حقيقي مش فاهم هو بيعمل إيه.

أول ٥ دقايق:
أدهم يتقلب.
بعدها:
يشهق فجأة كأنه بيقع من على برج.
دقيقة بعديها:
يرفع إيده ويهرش في الهوا… هوا!
أنا براقبه وأنا مصدوم، وبقول هو بينام ولا بيصارع عفريت؟

قلت لنفسي:
شكل مفيش اليوم النهارده....
وبعدها فجأة…
سكت.

افتكرت إنه نام…
وواردتني رحمة ربانية.

وفجـــأة…

قام بعنف وهو بيقول:
"كسبتك يا عمِّييي!!"

أنا نطّيت من الخضة.
دا كان نايم وبيحلم إنه بيكسبني في البليستيشن؟!
دا حتى وهو نايم بيكمل تمثيل!

بصيت له وغمغمت بقهر:
– يا ابني دا أنا اللي كسبتك 8 مرات ورا بعض… فوق لنفسك.

رجع نام تاني…
وابتدى "يفرك" تاني كأنه بيعمل عجينة في الحلم.

قعدت أبصلّه وأنا بضحك، وقلت لنفسي:
"طب والله يا نور… أخوكي دا اختبار من ربنا، بس أنا قدّها."

خرجت للصاله
وأنا  بهرب اساسا من الكائن الغريب
اللي نايم على السرير!
الواد أدهم…
كان نايم وبيصارع الغطا حرفيًا.
كل شوية يمد إيده… يشوط…
وكأنه ف ماتش مش نايم جنب حد!

قعدت ع الكنبه
ونفسي بجد يروح للنوم
بس لقيت نور خارجة من أوضتها،
وشها فيه قلق كدا وقالت:
__معرفتش تنام منه مش كدا؟

ضحكت غصب عني وقلت:
__دا بيلعب مصارعة وهو نايم…
دا أنا رقبتي كانت هتتخلع....

ضحكت، ضحكت بجد…
ضحكتها دي…
حسستني إن التعب كله نزل من على صدري.

وقالت وهي مندمجة:
__طول عمره كدا… والله ساعات كان بيضربني برضه كدة غصب عنه..

اتنهدت هي
واتنهد قلبي معاها لما قالت:
__ادخل نام في الأوضة… وأنا هنام في الصالة.

ردّيت من غير ما أفكر،
التلقائية خرجت قبل عقلي:
__م ننام عادي في الأوضة أنا وانتي.

بصّتلي…
نظرة طويلة…
كأنها بتحاول تفهم أنا قصدي اي.
ولحظتها حسيت إن أنفاسي اتلخبطت.

اتكلمت بسرعة عشان أطمنها:
__شكلي هيبقى وحش قدّام أخوكي
لو صحي ولاني نايم زي الغريب ع الكنبة…
ولا سيبتك تنامي انتي هنا!
هيبقى شكلي وحش برضه…
يرضيكي؟

كنت خايف يصحى يلاقينا كدا…
وخايف أكتر إنها تبعد.
بس كل اللي في قلبي
إنّي…
وبصراحه كنت بنتهز
الفرصه!

تعرفوا… لحد النهارده
أنا مشوفتش شعرها!
البنت دي حرفيًا نايمه صاحيه، رايحه جاية، ، بتضحك، تعيط ،بتهرب مني…
وبرضه الطرحه ما بتتفكّش.

بس النهارده…
النهارده أنا كنت واثق… هشوفه.
هو فيه زوج مايعرفش لون شعر مراته؟
أكيد لأ.
فكنت داخل الأوضة بثقه كدا…
وإحساس إن المخبّي هيبان.

لكن كل آمالي…
اتحطمت ف لحظه.

دخلت الأوضه…
لقتها قاعده ع السرير
ولابسه الطرحه
 ولا كأني مش موجود.
أو يمكن اصلا عشان موجود!.

قعدت ف مكاني وقلبي بيقول:
__ليه كدا يا بنتي… دا حتى أخوكي نايم ف الاوضه… يعني مفيش رقابة!

طب يا سيدي…
هترخيها؟
تفك دبوس؟
تعدلها؟
أي حاجه؟

لأ…
ولا حتى شعره واحده طلعت.

فضلت أبصّ عليها بحسرة
وقولت ف سري:
__طيب أنا متجوز واحدة ولا ظِلّ حد لابس طرحة؟ طب افتح موسيقى حزينة ولا اي؟

اتنهدت…
وقولت:
— "يا رب… امتى اليوم اللي أشوف فيه شعرك دا؟ يوم الفرح؟ طب ما احنا متجوزين خلاص!"

وهي؟
ولا على بالها.
بتفرد البطانيه وتقول:
— اطفي النور ي يوسف.

اطفي؟
ده أنا أطفي حياتي كلها من الإحباط اللي أنا فيه.

كنت نايم تحت، وهي فوقي،
والنور الخفيف اللي جاي من الشباك كان باين عليه إنه بيقرب من وشي كل شوية
مش قصد…
هي بتتقلب كتير…
بس كل ما تتحرك، قلبي يتحرك معاها

حسيتها مش مرتاحة،

فقولت بصوت هادي: 
__ممكن تقلعي الطرحة عادي… أنا مش غريب.

سكتت شوية، حسيت بتوترها…

بعدها كملت وأنا بخفف الجو:
 __كده كده أنا تحت… ومش شايفك.

سمعت صوتها وهي بتحرك الطرحة… حسيت بانتصار صغير جوه قلبي…

ابتسمت، قلبي دق بسرعة… وأخيرًا ممكن اشوف شعرها

وقررت لنفسي… لما تنام أخيرًا، هشوفه…
عشان أقدر أركز وأتأمله كويس… وأحاول أفهم نفسي.

حاسس قلبي بيجري بسرعة، وعقلي مش ساكت… حاسس إني اتجننت شوية…
بس يمكن… يمكن هي اللي جننتني!

جلست ساكت، كل عيني على السرير… كل حركة بسيطة منها كانت بتشد انتباهي…
وفي نفس الوقت، حاولت أسيطر على نفسي عشان متبهدلش الموقف…

كل ثانية كانت طويلة، وكل نفس كان مليان توتر… بس برضه إحساس غريب حلو…

________________

نور

كنت نايمة نص نوم…
بس زي كل يوم، كنت مستنيّة اللحظة دي.
أنا أصلاً متعودة… يوسف ليه ميعاد ثابت يقوم فيه ويمشي وهو نايم.
مش بيصحى… بيقوم ويتحرك وخلاص.

وعلشان كدا عمري ما بسيبه…
بفضل صاحياله، أرجّعه للسرير كل يوم…
وبطريقة غصب عني بقت عادة… وبقيت أعرف ميعاده قبل الساعة ما تنطق.

وفعلاً…
الساعة 2 بالليل بالظبط…
سمعت حركة خفيفة.

فتح عينيّ لقيته قاعد،
وبعدين وقف…
وبيمشي بعشوائية…
عينه نص مفتوحة… جسمه مايل…
وتحسه بيدوّر على حاجة مش موجودة.

قمت بسرعة من على السرير،
رجليّ كانت بتتزحلق ع الأرض من العجلة،
ولحقت إيده قبل ما يخبط ف الدولاب.

قربت منه وقلت بصوت واطي:
"يوسف… تعالى… تعالى هنا."

هو طبعاً مش سامع…
بس جسمه بيهدا أول ما بمسكه.
ساقيته بهدوء لحد السرير،
وبدأت أرجّعه مكانه.

وبينما أنا بظبط المخدة تحتيه،
وقلبه بيرتاح…
كنت ببص عليه وأنا مش فاهمة…
إزاي الشخص دا…
بالغلط… وبالصدفة…
دخل حياتي بالشكل دا؟

وليه رغم كل حاجة…
مش قادرة أسيبه يتحرك لوحده حتى وهو نايم؟

إدّيت وشي ناحية مكانه عشان أرجّعه ينام…
ملقتهوش!
السرير كان فاضي…

قلبي وقع لحظتها.
خرجت بسرعة، وأنا متوقعة ألاقيه في أي مكان من الشقة…

ولقيته…
قاعد على الكرسي، وعينيه مغمضة، ونايم بس شكله قاعد يتشقلب لحد ما وقع هناك.

قربت منه بخطوات هادية…
وحاولت أشيله…
أو حتى أرجّعه للسرير…
بس مفيش فايدة، تقيل جدًا، ومبيتحركش بسهولة وهو نايم.

مددت إيدي على كتفه، ورجّيته هادي:
__يوسف… يوسف… اصحى.

وبصعوبة بدأ يفتح عيونه، ملامحه كانت كلها ارتباك…
اتنفض شوية كدا، وبص حواليه كأنه بيشوف الكوكب لأول مرة.

وقال بصوت مخضوض وناصص للسقف:
__أنا… إيه اللي جابني هنا؟

قربت منه وأنا متعودة على الموقف دا من كتر ما اتكرر:
__انت بتتمشّى وانت نايم… زي كل يوم.

بصلي كام ثانية…
وبعدين نزل عينه كأنه مستفهم ومكسوف من نفسه، وقال بصوت واطي:
__تاني…؟

هززت راسي ببساطة:
__أيوه يا يوسف… يلا قوم نرجّعك سريرك.

______________

يوسف

أنا عمري ما صحيت وأنا تايه كده…
[كداب دايما بيصحى كدا]
فاتح عيني والأنوار هاديه، والدنيا ساكته، وبحاول أفهم…
إيه اللي جابني للكرسي؟
كنت لسه بلمّح نور قدّامي… واقفة شايله همّي كالعادة.

قالت بهدوء:
__إنت بتمشي كتير وإنت نايم… تعال.

مدت إيدها…
ولأول مرّة من يوم ما اتجوزنا، شوفت شعرها…

اتجمّدت.
مش عارف أرمش حتى.

شعرها كان نازل على كتافها… بسيط… ناعم…
مش مزّوق ولا متكلف…
بس كان كفايه إنه يخبطلي قلبي خبطة غريبة…
خبطة وجعتني وحمستني في نفس اللحظة.

أنا أصلاً…
كنت بحاول أقاوم إحساسي ناحيتها من زمان.
وأهو… ربنا قرر يختبرني.

غمضت عيني لحظة…
مش عشان أتماسك…
عشان لو فضلت أبصلها كده، هتقلق…
وهتحس إني بتصرف غلط، وأنا آخر حاجة عايزها إنها تتوتر مني.

فتحت عيني تاني…
ولاقيتها بتبصلي بقلق الطفل اللي خايف يكون عمل حاجة غلط.

قالت بفوضى:
__مالك؟

بلعت ريقي…
وحاولت أثبت صوتي:
__ولا حاجة… بس عشان صحيت فجأة.

والله أنا كنت طول النهار بحاول أتصنع الهدوء…
وبحاول أتصرف طبيعي…
لكن اللحظة دي؟
كسرت كل محاولاتي.

مشهد بسيط…
بس حسّسني إني…
اتعلقت بيها أكتر من اللازم.
أكتر مما المفروض.

وقفت…
وهي ساعدتني أرجع للسرير…
وبصراحة؟ أنا مرضيتش أبصلها تاني.
مش عايز أدوّخ نفسي أكتر.

بس وأنا بنام…
كنت حاسس إن قلبي…
كان صاحي أكتر مني.



تعليقات
×

للمزيد من الروايات زوروا قناتنا على تليجرام من هنا

زيارة القناة