
بقلم فاطمه احمد
اتسعت حدقتيها بفزع ورعب وقلق و دقات قلبها بدأت بالتضارب فيما بينها ، و رغم صدمتها الا انها لم تشعر بنفسها وهي تقول بعدم فهم مصطنع :
- ااا ج جلال ممم...مين و جوزي مين ده ااااه.
صاحت بألم عندما وجدته يقبض على ذراعيها بعنف شديد و يقربها منه ليغمغم بحدة :
- دور البنت البريئة مش بينفع معايا يا هانم انا مش زي اياد اللي استغليتي حبه ليكي...ايه انتي فاكرة ان لعبة غبية زي ديه ممكن تعدي عليا.
اخذت نفسا عميقا و في لمح البصر عادت لطبيعتها رسمت الجمود على وجهها و تشدقت ب :
- انت عرفت ازاي مين اللي قالك.
ابتسم بسخرية و استحقار ليتحدث بصلابة :
- مش انتي اللي تسألي انا بس اللي بسأل و التانيين يجاوبو وغصبا عنهم كمان.
لمعت عيناها فجأة و نظرت له بحزن :
- عايز تسألني على ايه مالحكاية واضحة انا مرات جلال و جاسوسته بعتني لشركتك عشان اعرف اخد المعلومات عن اي حاجة تخصك و لما عرفته على مشاعر اياد ليا قالي اني لازم استغل الموضوع لصالحي.
جز على اسنانه و احتبس الدماء في عروقه حتى اصبح وجهه احمر قبض على يده ليرفعها فجأة و يلكم الحائط صارخا بانفعال :
- تصدقي انا مش عارف اذا لازم اتنرفز او اضحك على غباء حبيبك من كل عقله فاكر انك هتعرفي تخدعيني انا كاشفك من اول مرة شوفتك فيها ف الشركة و الورق اللي كنت بتوديهوله كان بيوصله بمزاجي انا و اوقعه في الفخ يا غبية.
فتحت فمها بذهول وهي تحدق به :
- ومدام انت عارف الحقيقة ليه مفضحتنيش وليه واجهتني دلوقتي.
وضع يده في جيب بنطاله واقارب منها ببرود مردفا :
- عشان اللعبة الوسخة ديه زادت عن حدها ولا انتي عايشة الدور و بتعيطي و يغمى عليكي كأن ملكيش دعوة باللي حصل لا شابوه برفعلك القبعة على تمثيليك.
لين باستغراب :
- انت تقصد ايه انا مش فاهمة حاجة.
زمجر بها بعصبية بعدما فقد اعصابه :
- بتمثلي تاني يا و**** انتي فاهمة كويس انا بقصد ايه اتفقتي مع الكلب اياه عشان تلعبو معايا بواسطة حياة صاحبي انتي ايه يا شيخة خعندكيش ذرة كرامة او شفقة حاولتي تقتلي اللي بيحبك و بتمثلي حزنك قدامنا.
نفت رأسها سريعا و اردفت :
- لا والله انا معملتش حاجة و جلال...جلال مض ممكن يعمل كده هو مش ممكن يقتل حد حتى لو تجار اسلحة زيكو.
+
رعد بتهكم :
- ههههه تجار اسلحة زينا ليه هو كان ملاك ولا انتي بتستعبطي احنا على الاقل بنهرب الاسلحة انما جوزك بيتاجر بالاعضاء و البنات و المخدرات وكل قرف موجود.
تجاهلت كللمه و سألته بتوجس :
- طب ليه مقولتش ل اياد ع اللي بتعرفه اكيد هو مش عارف.
رمقها بنظرات حسابية ثم استدار و تحرك ليذهب ، توقف فجأة و هتف بنبرة هادئة وهو يوليها ظهره :
- كلمتين مش اكتر اياد تسيبيه فاهمة انا لولا خايف على قهرته و زعله كنت هقتلك و ارميكي للكلاب بس انتي مبتستاهليش حد يتقهر عشانك.
انصرف بعدما رمى عليها كلماته استندت على الحائط و همست بضياع :
- اياد لو عرف حقيقتي هيقتلني لازم انفذ بجلدي...بس معقول جلال يعمل كده هو مش ممكن يكون قاتل ( ياخيبتك ياما )
مسحت على شعرها بقلق و تابعت :
- اعمل ايه دلوقتي انا لازم اسيب اياد حالا....لالا هو تعبان هستنى لما يتحسن واقوله ان علاقتنا مبتنفعش اه كده احسن.
___________________
القت برأسها على النافذة تعيد بذاكرتها ماحدث قبل قليل شعور باليتم و الاهانة يراودها لتذكرها ضرب والدها امام الجميع و اجبارها على الزواج لم يحاول احد منعه و الدفاع عنها.... و من انقذها ؟؟
الشخص نفسه الذي تبغظه السبب الرئيسي لما حدث لها.
- وصلنا.
هتف بها جاسر وهو يتوقف بسيارته امام الفيلا نظرت له بجمود ثم خرجت وهو خلفها.
دلفا للفيلا و اشار لأحد الخادمات لتقترب منهما بسرعة.
جاسر بنبرة جادة :
- وديها اوضتها و اعملي زي ما فهمتك.
سارة بتعجب :
- تعمل ايه انا مش فاهمة.
تجاهل سؤالها و صعد للطابق العلوي بينما اخذتها الخادمة لأحد الغرف في الطابق الاول ، ادخلتها وهتفت بابتسامة هادئة :
- انتي هتقعدي ف الاوضة ديه و اهو الدولاب فيه كل اللي تحتاجيه ، جهزي نفسك و بعد ما تخلصي روحي لمكتب الباشا . عن اذنك.
هزت رأسها وهي لا تفهم شيئا مما يحدث ابتسمت لها الخادمة وانصرفت في حين زفرت سارة بضيق :
- الفيلا ديه غريبة زي صاحبها اصلا كل اللي حصل بسببه ابن ال **** والله لأوريك.
قامت و اتجهت للدولاب وجدت ملابس عديدة اختارت تيشرت نص كم باللون الاسود و بنطال ضيق باللون الابيض و كوتش رياضي ابيض دلفت للحمام و انبهرت من اتساعه و تصميمه المتقن بحرافية استحمت لوقت ليس بالقصير ثم ارتدت الملابس و خرجت.
اتجهت لمكتب جاسر بعدما دلتها عليه الخادمة دخلت لتجد جاسر جالسا بأريحية فقالت بغيظ :
- ممكن حضرتك تفهمني انا هشتغل ايه.
تحدث جاسر وهو مغمض عيناه :
- اممم تفتكري ايه.
اجابته بصوت بارد :
- زي الخدم اللي هنا صح....بس لعلمك انا مش بفهم فشغل البيوت.
ضحك بصوته الرجولي الرائع و رد عليها :
- لا طبعا انتي هتكوني جاسوس ليا.
فغرت فاهها و اردفت بغباء :
- ج... ايه ؟
انتصب واقفا ولف حول المكتب ليصل اليها...وقف امامها ليظهر فرق الطول الكبير بينهم وقال بصلابة :
- بقولك انتي من النهارده هتبقي جاسوسة يعني بتجيبي كل المعلومات اللي عايزها.
سارة بتعجب منه :
- وانا هجيبلك اللي عايزه منين.
لف بظهره و هو يجيبها :
- هشرحلك بعدين اولا لازم تتعلمي فنون القتال و ازاي تستخدمي السلاح عشان تحمي نفسك.
شهقت وعادت للخلف بصدمة وفزع :
- سلاح !!
- اه....ولا انتي خايفة مش قولتي انك مستعدة تعملي اللي انا عايزه مقابل انقذك من اهلك.
تحدثت سارة بتحدي و غرور :
- انا مبخافش من حد يا باشا.
ابتسم متأملا وجهها الطفولي الذي يشع بشرارة الكبرياء و القوة فاستطرد قائلا :
- ارتاحي النهارده و بكره هتبدي التدريب مع الباقيين ، اشار لها بالمغادرة فامتثلت لأوامره و اتجهت نحو الباب ، وقفت فجأة و سألته بفضول :
- هو انت بتشتغل ايه.
استدار لها و ابتسم بقسوة مجيبا :
- تاجر أسلحة.
6
____________________
في القصر.
كانت مستلقية على السرير بتعب سمعت صوت فتح الباب فرفعت رأسها قليلا لتجد رعد يدخل بهدوء.
اغمضت عيناها ثانية غير واعية لما يحدث شعرت بيد خشنة تلمس وجنتها و صوت رجولي يهمس :
- سيليا انتي كويسة.
همهمت مجيبة بخفوت :
- اه كويسة بس نعسانة و عايزة انام.
ابتسم عليها ثم استطرد قائلا :
- طب اتغديتي ولا لأ.
نفت و دفنت رأسها في الوسادة فتنهد و استلقى بجانبها....احتضنها من الخلف وهي لا تعي شيئا مسح على شعرها هامسا برقة :
- و انا مش بقدر انام غير وانا فحضنك لانك بقيتي ادمان.
اخذ نفسا عميقا وهو يعيد بذاكرته ماحدث بداية من رؤيته لنفس الفتاة التي طردت سيليا في الشركة و اعتراف اياد بمشاعره لها و موافقتها على حبه ، تذكر عندما كان يراقبها و اكتشف انها على علاقة مع ذلك الحقير بل و متزوجان ايضا...هنا ادرك ان وجودها في العمل و في حياة سيليا لم تكن سوى خطة محبوكة جيدا و صديقه اصبح ضحية لخداعه.
جز على اسنانه و حدث نفسه :
- جلال انت فاكر ان سكوتي ضعف مش عارف اني مجهزلك مفاجأة هتخليك تروح فداهية..... نظر لسيليا القابعة اسفله اغمض عيناه وتابع حديثه الداخلي :
- يا ترى انتي كمان كنتي عارفة حقيقة لين ومش بعيد تكوني مشتركة معاهم مانتي بتكرهيني و بتحقدي عليا...لالا مستحيل سيليا مبتعملش كده بس لو فعلا طلعتي عارفة هندمك على الساعة اللي اتولدتي فيها ، مش رعد السيوفي اللي يتخدع.
____________________
خرجت من سيارتها ولمحت سيارته تقف بمسافة بعيدة نسبيا لفت انظارها يمينا و شمالا ثم اتجهت اليها ، ركبت و نظرت له قائلة بغضب :
- جلال ليه عملت كده !! ليه اتعرضت ل اياد و حاولت تقتله.
رمقها بنصف عين في حدة :
- وانتي ايه اللي مدايقك اوعى تكوني واخدة الدور فعلا و خايفة على حبيبك.
اجابته في حدة :
- مش خايفة ولا حاجة بس انا مكنتش متوقعة انك....تدخل شخص بريء ف النص.
فقد صبره و هدوئه المزيف فجذبها من ذراعها وصرخ بانفعال :
- انتي مالك انتي هاا ليه مصممة تاخدي دور الشريفة و الصادقة اللي بتخاف على الناس انتي دخلتي معايا اللعبة من الاول يبقى متصدعنيش.
تشجنت ملامحها في ذهول من كلامه و اهانته لها نزلت دمعتها اجباريا عنها فزفر بضيق و تابع :
- انتي ليه بتعيطي دلوقتي يعني.
ازاحت يكه وتشدقت ببكاء مرير :
- انت اللي بتقول كلام بيجرح محسيني اني واحدة متسواش وانا اصلا بعمل الغلط عشانك انت.
ضمها لحضنه بشدة متمتما بمكر :
- اسف ياحبيبتي مش بقصد بس مضغوط الفترة ديه و بعدين اياد و رعد يستاهلو اللي بيتعمل فيهم مهما حصلهم مش هيكون ربع اللي انا عانيته بسببهم متزعليش مني حقك عليا انا اسف.
استكانت بين ذراعيه و ابتسمت براحة اما هو فابتعد عنها بعدما تذكر شيئا :
- بس انتي عرفتي ازاي اني السبب ف اللي حصل.
توترت و زاغت بنظرها بارتباك فهي لاتريد اخباره بكشف رعد لها لكي لا يأخذ احتياطاته فهي تشعر بأنها يجب عليها الانتقام منه لأنه جرحها بالكلام....و اذى من يخصها !!
- هاااا عرفتي ازااي.
هتف بها فحمحمت بهدوء متريث :
- سمعت ادهم واقف مع حد من رجالته و الراجل بيقوله انا عرفت ان جلال اللي ورا الحادث.
جلال بصدمة و جزع :
- رر...رعد ع...عرف اني السبب.
هزت رأسها بقليل من الشماتة ثم ودعته و خرجت تاركة اياه يفكر بقلق.....ماذا سيفعل به الشبح ؟!!
______________________
بعد مرور اسبوعان.
تحسن اياد بعض الشىء و كتب له تصريح بخروجه من المشفى و الان هو يجلس في منزله و لين تعتني به بعد رجائها لرعد بأن يتركها لحين شفاء اياد كليا.
رعد و جاسر يدبران شيئا للقضاء على جلال نهائيا و قررت سيليا استخدام نفس اسلوبه وهو التجاهل فمن سيتنازل و يخضع لمشاعره !!
سارة تتلقى تدريبا مكثفا من اجل تعزيز قوتها البدنية اكثر و اكتسبت الكفاءة في استخدام الاسلحة فهي لا يهمها ان كانت تعمل لدى رجل اعمال مشبوهة بل تهتم فقط ببعدها عن من يدعون بأهلها....
و جلال في استعداد دائم لهجوم رعد عليه في اي لحظة فهو يدرك جيدا ان الشبح لن يتنازل عن حقه....
______________________
في مساء ذات يوم.
توقفت لين بسيارتها امام فيلا جلال نزلت و دلفت للداخل بعد تعرف الحراس عليها وقفت في منتصف الصالة وحدثت نفسها بابتسامة :
- وحشتني اوي يا جلال اسفة ياحبيلي عشان اهملتك الفترة ديه بس هعوضك.
كادت تصعد للاعلى لكن اعترضت طريقها خادمة وهي تقول بارتباك :
- اااا مدام لين انتي بتعملي هنا ايه.
اجابتها بدون اكتراث وهي تتجاوزها :
- اكيد جاية لجلال مش محتاجة ذكاء يعني.
الخادمة بتوتر اكبر :
- بس هو مشغول مينفعش تقابليه دلوقتي.
عقدت حاجباها باستغراب من هذا التوتر اخترق قليل من الشك قلبها فركضت للاعلى و هي تدعي ان يكون ما تفكر به خاطئا.
وقفت امام باب جناحه ثم وبدون سابق انذار دفعت الباب بقوة لتقف مصدومة وهي ترى جلال مع احدى الفتيات في وضع مخل !!
من جهة اخرى.
كانت سارة تتجول في الفيلا الكبيرة بملل نظرت للطابق العلوي وقالت :
- انا عايزة اشوف في ايه فوق.
انهت كلامها وهي تصعد بخطوات حذرة تجولت في الرواق الواسع و المظلم بعض الشىء و تفتح الغرف...
وصلت لغرفة يبدو انها الغرفة الرئيسية فتحت الباب و استرقت النظر للداخل بفضول ولجت و لفت انظارها في الغرفة المطلية باللون الرمادي الذي يبعث الاكتئاب في النفس اثاثها فاخر رغم سواده و يتوسط الغرفة سرير كبير ذو غطاء اسود ايضا.
هتفت بتعجب مما تراه :
- هي ديه اوضة نوم ولا مكان عزا ليه كل حاجة هنا اسود ف اسود.
رفعت كتفيها بعدم اهتمام و تحركت لتذهب لكنها لمحت صورة موضوعة على الكومدينو اقتربت منها و امسكتها ، قربتها لوجهها و تفاجأت برؤيتها لفتاة جميلة جدا تحمل طفلة صغيرة بين يديها و تبتسمان بسعادة و مرح.
امسكت صورة اخرى و اندهشت عندما رأت جاسر يحتضن نفس الفتاة بابتسامة لم تراها هي من قبل.
فجأة انتفضت بخضة وهي تسمع صوته يصرخ بها في قوة :
- انتي بتعملي اييييه هنا !!
رايكم يا غوالي
يتبع
ماتنسوش تصلوا علي النبي