
بقلم فاطمه احمد
نطقت سيليا بدهشة :
- ايه !! م م مشفى...انت جايبني هنا ليه انا كويسة ومش ااا....
قاطعها بنبرة باردة :
- عارف انك كويسة انا جايبك عشان حاجة تانية.
- و اللي هي !
قالتها بتوجس فغمغم بجمود كأنه بقول شيئا عاديا :
- هتعملي عملية عشان عينيكي.
سيليا بصدمة وهي لا تستوعب ما تسمعه :
- ها !! عملية ! تقصد عشان ااا..افتح.
ارتسمت ابتسامة رقيقة على ثغره وهو يرى ملامحها السعيدة و المتحمسة كم آلمه شعور ان يكون هو السبب في حالتها هذه و انها لم ترى سوى الظلام لسنوات طويلة...
افاق من تفكيره على كلامها وهي تهتف باستغراب :
- بس انت ليه هتعملي عملية عشان ارجع افتح.
تنحنح رعد مجيبا بهدوء :
- مش قولتلك من قبل متسألنيش على حاجة انا بس اللي بسأل.
زفرت بضيق و اردفت :
- و انا مش عايزه اعمل العمليه ديه خلاص انا اتعودت على الظلمة.
انخفض لمستواها و رفع يده يتلمسها بنعومة هامسا بصوت اجش :
- مش بمزاجك يا سيليا انا بقول و انتي بتنفذي من غير نقاش و دلوقتي ارتاحي شويا عشان بعد ساعة بالضبط هتدخلي اوضة العمليات.
ازاحت يده و قالت بقوة :
- انا مش محتاجة شفقة منك و ااا...
قطع كلامها عندما قبض على ذراعها النحيفة و غرز اظافره فيها حتى اطلقت صيحة الم ، قربها منه و تمتم من بين اسنانه بتهديد :
- ل اخر مرة هقولك اتعدلي معايا احسن اعدلك بطريقتي الخاصة واضح !!
هزت رأسها ببطى لتهتف بألم :
- انت ب...بتوجعني.
رعد بعدم اكتراث :
- احسن.
اردفت هي بعدما ترك ذراعها :
- بس انا مش فاهمه ليه هتعملي عملية و تكلف نفسك مع انك مش مجبور تصرف عليا.
ابتسم مجددا و همس بجانبه اذنها :
- بس العيون الزرقا ديه تستاهل تنور و تشوف الدنيا.
اخفضت رأسها و هي تشعر بالحمرة تتسلل لوجنتيها ظهر شبح ابتسامة على شفتيها فرفعت يداها و دفعته برفق ليبتعد عنها....
حمحم و انتصب واقفا يمسح على شعره سمع طرق الباب و بعد ثواني دلف اياد بصحبة الدكتور المشرف عليها.
اقترب منه اياد متمتما بابتسامة :
- الاجراءات خلصت اهو و المدام شويا و هتدخل تعمل العملية.
بادله رعد الابتسامة بهدوء :
- شكرا يا صاحبي.
اياد بمرح وهو يحدق بسيليا :
- في ايه يابني احنا صحاب ولو ثم انت من امتى بتتشكر حد الواضح ان المدام غيرت فيك حاجات كتير.
رمقه بحدة و هتف من بين اسنانه :
- طب يلا من قدامي الساعة ديه احسن ارجع لطبيعتي.
حمحم اياد وهو يرد بطريقة كوميدية :
- لا والله مانت عامل حاجة عارف اني مش بهون عليك يا رعد يا رفيق عمري.
ضحكت سيليا هذه المرة من كلام هذا الشخص الذي يظهر عليه المرح عكس صديقه طالعها رعد قليلا ثم اشار للطبيب بالخروج للتكلم معه.
رعد بهدوء :
- سيليا انا طالع شويا و زهرة شويا و هتجيلك.
اومأت بآلية و همست :
- ماشي.
خرج من الغرفة مع اياد نظر للدكتور بجدية :
- العملية ديه مضمونة يا دكتور زي ما قولتلي صح يعني مفيش خطر على حياتها.
الطبيب بإيجاب :
- اه يا باشا و كمان تحاليلها ممتازة و تدل على ان نسبة نجاح العملية كبيرة متقلقش هنعمل كل اللي نقدر عليه و اللي كاتبه ربنا هيحصل ادعيلها.
تنهد رعد بعمق و اشار بيده للطبيب ليغادر فذهب سريعا وقف اياد امامه وهو يحدجه بابتسامة صغيرة فغمغم رعد بصوت قاتم :
- بلاش كلامك اللي ملوش فايدة مش ناقصك.
اياد بضحكة :
- يعني انت بجد خايف عليها....طب ليه ده تأنيب ضمير ولا حاجة تانية.
اخذ نفسا عميقا و اخرجه دفعة واحدة كأنه يتخلص مما يزعجه :
- مش عارف يا اياد مش عارف انا مش هنكر اني اتعلقت بيها حتى قبل ما اشوفها 5 سنين وهي بتجيلي ف احلامي و انا مش فاهم السبب و ف اليوم اللي اقدر اشوف وشها فيه التقيت بيها صدفة و خدتها على قصري على اساس انها عشيقتي بس مع ذلك مقدرتش ا أذيها ولما خفت عليها من نفسي اتجوزتها من غير ما تعرف عشان معملش معاها حاجة غلط و بعدين اتفاجأ بأنها نفس البنت اللي خبطتها بالعربية من سنين و اتسبب ف انها تتعمى و تبطل تشوف النور ، 5 سنين وهي عايشة فالظلمة بسببي انا عمري ما وجعني قلبي على حد اذيته بس هي غير....سيليا مختلفة على كل واحد شوفته فحياتي هي الحاجة الوحيدة النظيفة فحياة الشبح المليانة جرايم.
صمت ليغمض عيناه ببطىء و انفاسه تتسارع نعم مشاعره لم تعد ملكه قلبه و عقله انتقلا لملكية شخص اخر وهي سيليا....فتاة احلامه !!
اما اياد فهو بالكاد يستطيع استوعاب ما يسمعه هل الشخص الواقف امامه هو نفسه الشبح المجرم السفاح الذي لا يرحم احدا و يقتل من يقف بطريقه دون ان يرف له جفن....
لا بل يقف امام انسان اخر تماما انسان يشعر باشياء يشعر هو بها اتجاه لين هل هذا يعني انه....
هز رأسه يمينا و شمالا يطرد هذه الافكار السخيفة من عقله طالع الرعد و قال بضحكة :
- هو انا مقولتلكش ولا ايه.
رعد بعدم اهتمام :
- ايه في ايه.
عدل اياد سترته الجلدية و قال بثقة :
- اصل صديقنا الحبيب راجع من امريكا بعد يومين.
رفع رعد احدى حاجباه مردفا بابتسامة :
- ت
- تقصد جاسر ؟
- ايوة تمااماا جاسر راجع يا صاحبي و هنرجع نلم الشمل من جديد ههههه.
رعد بنظرة حسابية :
- يعني اخيرا اقتنع انه ينقل شغله ل هنا بقى.
اياد بتنهيدة حزن :
- هيعمل ايه ف بلد غريب مراته و بنته ماتو و سابوه اكيد مش هيقدر يعيش لوحده اكتر من كده ، المهم هو قالي اعرفك برجوعه يا شبح.
رعد بهمس و تحذير :
- وطي صوتك و متقوليش الشبح بمكان عام.
كتم اياد ضحكته مجيبا :
- اسف نسيت بس الناس هتعمل ايه لما تعرف ان المجرم المطلوب دوليا قاعد جنبهم و متنكر فشخصية رجل الاعمال رعد السيوفي.
وكزه في كتفه بخفة و قال بحدة :
- بحذرك ل اخر مرة اخرس !!
___________________
في شقة لين.
كانت تتحدث مع جلال على الهاتف.
لين بتذمر :
- يعني مش هتيجي ومش هقدر اشوفك هنا تاني.
1
اجابها جلال بمكر :
- حبيبتي ما انتي دلوقتي المفروض تحوني حبيبة اياد و اكيد هو حاطط رجالة تحرس شقتك و نيبقى يجيلك ف مينفعش اجي هنا لانه هيشوفني و خطته تفشل.
لين بشىء من الحدة :
- مليش دعوة ب اياد يا جلال انا اا....
قاطعها بنفاذ صبر :
- لين ارجوكي بلاش حكاية اني جوزك و انتي مراتي مش انتي وعدتيني انك توقفي معايا فكل قرار بتخذه يبقى ليه رافضة دلوقتي !!
ردت عليه بفتور :
- مش رافضة بس بردو مش مقتنعة باللي بنعمله دلوقتي.....احم جلال انا نعست هقفل و انام.
اغلقت الخط بسرعة قبل ان يرد عليها القت بثقل جسدها على الطاولة و رفعت رأسها للاعلى و اغمضت عيناها ببطىء شديد لتغفو سريعا...
بعد نصف ساعة افاقت من غفوتها على صوت رنين هاتفها زفرت بضيق و فتحت الخط قائلة بصوت ناعس :
- مييين.
وصلتها ضحكاته وهو يقول بحماس :
- بياع اللبن ياحبي.
فتحت عيناها بسرعة و عدلت مت جلستها قائلة بارتباك :
- ااا....اياد ده انت !
- ليه كنتي مستنية حد تاني رن عليكي.
لين بابتسامة واهنة :
- لا ، بس اتفاجأت باتصالك.
اياد بقهقهة سحرت قلبها :
- ليه يابنتي مش انتي اتعودتي خلاص على اتصالاتي فوقت متأخر ولا ايه.
بادلته لين الضحكة برقة :
- اه فعلا....قولي بقى انت فين.
اياد بتلقائية :
- في المستشفى.
شهقت بخضة و انتفضة واقفة :
- ليه في ايه ايه اللي حصلك انت كويس ااا....
قاطعها بانزعاج :
- بسسس ايه الاسئلة ديه كلها انا كويس يا حبيبتي اطمني انا موجود هنا عشان رعد صاحبي.
لين باهتمام :
- ليه بقى فيه حاجة.
اياد بهدوء :
- لا مراته هتعمل عملية بعد شويا....اقصد سيليا....
__________________
يقف امام غرفة العمليات وهو يمشي ذئابا و ايابا و يفكر بقلق وقفت امامه زهرة و رددت بطمأنة :
- متخافش عليها يا باشا العملية هتنجح ب اذن الله و تفتح تاني.
هز رأسه ولم يعلق بينما اياد يجلس و يعبث بهاتفه طالع رعد بابتسامة ذات مغزى و حدث نفسه :
- ده انت وقعت ومحدش سمى عليك يا بني هههه.
بعد مرور بضع ساعات.
خرج الدكتور من الغرفة تقدم الرعد نحوه بخطوات متزنة وقف امامه مغمغما بصوت اجش :
- سيليا عامله ايه العملية نجحت ؟
الدكتور بابتسامة ايجاب :
- ايوة الحمد لله و هنستنى المريضة تفوق و نعرف النتيجة.
اومأ برأسه ثم افسح له الطريق جلس على الكرسي في المنر و دون ان يشعر وجد نفسه يدعو لها ( يارب الامور تمشي زي ما انا عايز و سيليا ترجع تفتح تاني انا مش هعرف اعيش لحظة واحدة لو هتتعذب بسببي اكتر من كده )
تنهد و بدأ يدعو لها و اياد يراقبه بابتسامة....بعد نصف ساعة تقريبا وجد لين تدخل و تقترب منهم بسرعة وقفت امامه و قالت بلهفة :
- سيليا كويسة العملية نجحت ولا....
اياد بهدوء مشجع :
- ادعيلها ياحبيبتي.
اومأت و اغمضت عيناها بسرعة وهي تقول بداخلها :
- يارب ترجع سيليا تشوف تاني يارب.
كان الجميع يدعوا لها اما الرعد فكان في عالم اخر....
_____________________
بعد مرور يوم كامل.
تأوهت وهي تحرك رأسها يمينا و شمالا وضعت يدها على وجهها و شعرت بشاش يلتف حول عينيها فتذكرت انها قد اجرت العملية و افاقت منها الان...
.....: سيليا انتي سامعاني.
كان هذا الصوت الرجولية له مكان خاص لديها صوت ادركت انها باتت تدمنه هزت رأيها هامسة :
- اه سامعاك يا رعد.
ابتسم و نظر للخلف ليجد زهرة و اياد و لين يراقبون ما يحدث بتوجس و الطاقم الطبي يقفون امامها.
الدكتور بجدية :
- سيليا احنا دلوقتي هنشيل الساش من وشك قوليلي انتي مستعدة.
2
تسارعت نبضات قلبها حتى كادت تصم اذنيها من قوتها اومأت بتردد و جسدها كله يرتجف فباغتها رعد بامساك يدها ليبث فيها الامان هامسا :
- انا معاكي متخافيش.
سيليا بابتسامة خوف :
- و انا بطمن بوجودك.
اخذ نفسا عميقا ثم ترك يدها ببطئ و ابتعد عنها اقاربت الممرضة و بدأت بنزع الشاش و مع كل لفة تلفها تزداد سرعة دقات قلوب من في الغرفة و خاصة رعد الذي رغم ادعائه للجمود لكنه حقا متلهف و خائف من النتيجة.
اخيرا اصبح وجهها حرا تمتم الطبيب بحذر :
- سيليا افتحي عينيكي بالراحة و متخافيش.
جلس رعد بجانبها ثانية قبض على يدها وتمتم بصوت حاني :
- يلا يا سيليا.
هزت رأسها و بدأت بتفريق جفنيها و فتح عيناها ببطئ شديد و فجأة وضعت يدها على وجهها بألم ، ازاحت يداها و اكملت فتحهما لتصمت تماما و لا تتحرك نظر لها الجميع بقلق و خيبة امل فحركت هي رأسها اتجاه رعد رفعت يداها تتلمس وجهه و سرعان ما شهقت بصدمة وهي تتمتم بدموع سعادة :
- انا...انا بقدر اشوف...انا شايفاك يا رعد...!!
يتبع
ماتنسوش تصلوا علي النبي