قصة مزيج العشق
البارت الاول 1 والثاني 2 والثالث 3
بقلم نورهان محسن
البارت الاول
بعض الفراق نختاره ..
و بعض الفراق نجبر عليه ..
ف يأتي بثقل الجبال .. نستقبله بوهن شديد
و لكن الحياة لٱ تقف لتحزن علينا .. بل تتسابق معنا ..
ف نجبر ان نمضي .. و نلتفت للوراء قليلا ..
لان في الخلف اشياء و احلام .. و ارواح معلقه قلوبنا بها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
،،،،،في جمهورية مصر العربية،،،،،
تحديدا في القاهرة.... سنة 2016
قصر البارون
في صباح يوما لا يخلو من الحزن
بدا العزاء والبكاء والنحيب على فقيدهم
الاخ الاصغر والاجمل لهذه العائلة الثرية
(عمر البارون ) الذي توفي في حادث طيران اثناء رحلة عمل .
ها وقد انتهى اليوم
واعلنت الشمس عن غسقها
و راحت رائحة الظلام تلامس عتاب الحزن
المترامية في ذلك القصر العريق ، و اغلقت ابوابه
بعد ان ودع "ادهم البارون" اخر المعزين،
ابن عمه الذي كان ملازما له طيله فترة الدفن والعزاء
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••
التفت لأمه و صار ينظر لها بعين العطف تارة
و بعين الحزن تارة اخرى
اقترب منها نفث بانفاس الفقد على اكتافها
واحتضنها برفق و حنان ، كأنه يخاطبها ناشدا.
سنشد من الصبر يا امي
فقد أعد الله سبحانه للصابرين أجراً عظيماً كما في قوله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ {البقرة: 156 ـ 157 }
فعليكِ أن تصبري و تحتسبي الأجر عند الله فله ما أخذ و له ما بقي ، وكل نفس ذائقة الموت
كلماته كانت كالدواء الذي يشفي و يخفف عليها هول المصيبة والفاجعة ، لإبنها الذي كان لا تمضي ليله الا و يحدثها حتى في سفره نعم ..انه متعلق بها بشده .
نظرت له بأعين باكية ، و هي تقول بإنهيار و بكاء :
كان قلبي مقبوض من السفرية دي بالذات ،
و حاسه ان دي اخر مرة هاخده في حضني يا ادهم ،
كان كل مرة يسافر يقولي ادعيلي و سامحيني .. و يفضل يوصيني علي كارمن و ملك و هو غايب ، بس المرة دي ماكنش عاوز يسيب حضني كأنه كان حاسس يا حبيبي ...
_كفاية يا امي انتي تعبتي جدا انهاردة و ماينفعش تزوديها علي نفسك دا قضاء الله و قدره ، ادعيله بالرحمه و ان ربنا يصبرنا ...
هتف لولدته بحنان يخصها هي وحدها ، و هو يجذبها اكثر الي احضانه ، و يربت علي كتفها في محاولة لتهدئتها.
_ كارمن في المستشفي ، ماشوفتش لما وصلنا الخبر حصلها ايه ، وقعت من طولها ، و هي اصلا ضعيفه و مش متحملة ،
و هي يا حبيبتي لسه خارجة من عملية من مدة بسيطة .. لازم الصبح نروح نطمن عليها هي و ملك مالهمش غيرنا دلوقتي..
خرج صوتها قلقا و مبحوح اثر البكاء الشديد.
حاول السيطرة علي نبضاته المتسارعه فور سماعه لكلمات والدته ، و بصوت كالجليد اجاب : حاضر يا امي الصبح هنروح نطمن عليها ، فين ملك ؟ ...
خرجت من حضنه و هي تقول : مع المربية فوق من الصبح بتعيط كأنها حاسة باللي بيحصل ، هطلع اطمن عليها
اشار بالموافقه و هو يقبل رأسها
: ماتخافيش عليها كدا يا طنط هيكون جرالها ايه يعني هي مش اول واحدة جوزها يموت احنا اللي فضلنا سهرانين طول الليل بنستقبل في الناس ...
قطع حديثهم دخول "نادين" زوجة "ادهم" التى جلست تتحدث بتهكم و قسوة
كان يجعد حاجبيه ، ويضيّق عينيه ليخفي غضبه من كلامها ، وكان معتادًا على سلوكها المتغطرس والأناني ، لكنه يتجاهلها دائمًا.
نظرت اليها "ليلي" بإزْدراء : انا طالعه اوضتي يا ادهم استريح تصبح علي خير.
غضبت نادين من تجاهل تلك المرأة العجوز لها ، لكنها تجاهلت ذلك باستخفاف.
نظرت"لأدهم" الجالس ، و الذي لا يلقي لها بالا ، و هذا امرا ليس جديد عليها معه.
غادرت لتصعد غرفتها و تركته لأفكاره.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★••
... في نفس التوقيت ...
داخل غرفة واسعه في احدي المستشفيات
امرأة في أوائل الخمسينيات من عمرها تجلس أمام سرير ابنتها النائمة كارمن بعد أن تلقت نبأ وفاة زوجها ، انهارت من الصدمة ، ونقلوها إلى المستشفى.
عندما استيقظت ، بدأت تتذكر ما حدث ، ثم شرعت تبكي وتصرخ باسمه حتى أتى الطبيب مهدئًا قويًا
، و ها هي تنام لا حول لها و لا قوة.
ذكرتها بنفسها عندما توفي زوجها و حبيبها ، وكانت كارمن لا تزال صغيرة.
مريم بدموع علي حال ابنتها : الله يكون في عونك يا حبيبتي
رن هاتفها فمسحت دموعها ، و اجابت بصوت باكي :
الو
ليلي : طمنيني علي كارمن يا مريم؟
مريم : نايمة يا ليلي .. فاقت من شوية و فضلت تصرخ و تعيط
الدكتور اعطها مهدئ و قال عندها انهيار عصبي
بكت ليلي حزينه علي حالهم الذي تبدل بيوم و ليلة.
ليلي : طيب انا هجيلها الصبح اطمن عليها المعزيين لسه ماشيين من شوية بسيطة
مريم : اكيد كارمن هتزعل اوي لما تعرف انه ادفن يا ليلي قبل ما تلحق تشوفه و تودعه يا ليلي
قالت ليلي ببكاء : كدا احسن كانت هتتعب اكتر و الدفن حصل بسرعه ، ربنا يصبرنا كلنا انا لسه مش قادرة اصدق و حاسة اني هموت من الوجع يا مريم
هتفت مريم بحزن : ادعيله يا ليلي هو محتاج دعانا دلوقتي
تنهدت ليلي بحزن : ملك نايمة هنا جنبي البنت مابطلتش تقول ماما و يدوب راحت في النوم من شوية انا هقفل دلوقتي و اطمن علي كارمن الصبح
مريم : مع السلامه
اغلقت تنظر الي ابنتها ، و هي تدعي ان يشفيها و يصبرها
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في أحد أرقى الأحياء في القاهره
منزل "مالك البارون"
دلفت يسر الي البيت في حزن علي ما اصاب صديقتها
يسر : الحمدلله ان ياسين عند ماما انهاردة
انا تعبانه اوي و ماكنتش هستحمل شقاوته
هتفت بنبرة متعبه و هي تجلس علي الاريكة
جلس بجانبها مالك قائلا بمزح : علي اساس انه بيهد حيلك لوحدك مش كل يوم بفضل اتحايل عليه عشان ينام في سريره و انتي تخليه ينام معنا
يحاول ان يخفف عليها الامر ، و هو يحتاج من يخفف عنه رحيل ابن عمه و صديقه "عمر".
لٱ يعلم كيف سيعتاد عدم وجوده ،
سيشتاق الي مزحاته و مرحه الدام معه ؟
همست يسر له بحنان ، وهي تربت علي كتفه وتدخل بين احضانه : حاسة بيك يا حبيبي صعب اوي اللي حصل ، بس دا قدره و مكتوب انه يحصل
احنا لازم نكون اقوي عشان نقف جنب طنط ليلي وكارمن في محنتهم دي
اشار مالك لها بصمت وهو يتنهد بحزن ، يجذبها الي احضانه اكثر ،
يحمد الله علي هذه الزوجة الصالحة التي تقف بجانبه في جميع المواقف بحب و صبر شديد.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في قصر البارون
هذا القصر الكبير ذو الثلاث طوابق
بحدائقه الواسعة يحيطها الحراس من كل جانب
الطابق الأول به مطبخ كبير ، غرف الخدم ، صالة مفتوحة
و 4 غرف واسعه للضيوف مرفق لكل غرفه حمام كبير ،
وغرفة طعام داخلها سفرة تكفي 20 فرد و حديقة واسعه و حمام سباحة
أما الطابق الثاني به اربعه أجنحه واسعة
جناح للسيدة مريم ، والثاني لنادين ، اما الثالث فهو مخصص لعمر قبل ان يتزوج
، و الطابق الثالث بالكامل فهو لأدهم يحتوي علي جناحا واحد بإتساع الطابق بأكمله
صعد "أدهم" إلى جناحه في الطابق الثالث ،
الغير مسموح لأحد دخوله غير والدته و الخدم ،
ذلك الجناح الفسيح كثيرا بأثاث راقي ، وملحق به حمام واسع ، و غرفه رئيسة للنوم ذات لونين الاسود و الابيض و بها غرفة ملابس مع أشهر تصاميم البدلات العالمية ، و غرفة مكتب واسعة و غرفه صغيرة لا يستخدمها ، وصالة كبيرة للرياضة .
دخل أدهم إلى الجناح ، وجلس على الكنبة العريضة ، وهو متعب جداً اليوم هو أصعب يوم في حياته بعد وفاة والده الذي تركه مسؤولية هذه الأسرة على كتفيه.
سمع أدهم قرعًا على الباب اجاب للدخول.
صاحت نادين بصوت خافت : حبيبي انت لسه ما نمتش؟
اتجهت عيناه في مكان الصوت ، و رأى زوجته تقترب منه ، وكانت ترتدي قميصًا ليليًا أسود يكشف أكثر مما يخفي من مفاتن جسدها.
جلست الي جواره تضع يديها في شعره البني الناعم ، فقلب عيناه سخطا على تصرفات هذه البغيضة ، فهو يعلم جيدا غرضها.
أجاب ادهم بسخرية واضحة : انتي شايفه ايه ؟ و ايه اللي جابك لجناحي مش سبق و نبهت عليكي ممنوع تطلعيه
تمتمت نادين بغيظ من سخريته المعتادة معها : جيت اطمن عليك و اكون معاك في الشدة اللي انت فيها يحبيبي.
قالت هذا الكلام ، بينما كانت تلعب بزر قميصه وتحاول فتحه.
صاح بحدة ، ونفض يديها عن جسده : اطلعي برا يا نادين انا مش فايقلك.
_ ليه بتعاملني كدا يا ادهم عملتلك ايه !! عشان تكون قاسي معايا كدا !!
حاولت إخراج نبرة صوتها المؤلمة ، تحثه على أن يخفف حدته معها ، فهي الان تخاف من هذا البرود الدائم ، ولا تريد ان تحرم من ماله ومن المستوى الذي تعيش فيه.
_ دا اللي عندي و انتي قبلتي انك تكملي معايا رغم انك عارفه اني مش بخلف و دلوقتي حالا تروحي اوضتك .. مفهوم ..
قال أدهم اخر كلمة بصياح شديد بعد ان هب واقفاً مستعداً ان يلقنها درس لن تنساه ، فهرولت مسرعه تغلق الباب ورائها.
ذهب إلى سريره ، وألقى عليه بثقله ، وسقط في نوم عميق بعد أن انهار من شدة التعب ، والألم الذي يعيشه اليوم و منذ سنوات عديدة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مكان جديد
رن جرس الهاتف بداخل الغرفه الواسعه ، وايقظ ذلك النائم
اجاب مراد بصوت ناعس اجش : احسنلك يبقا في حاجة مهمه تخليك تصحيني عشانها في الوقت دا؟
: ..................
تسائل مراد بإندهاش من ما سمعه : متأكد من اللي بتقوله دا ! امتي حصل كدا؟
: .................
استمع بإنصات واهتمام شديد و اجاب : تمام خليك متابع الاخبار و عينك ماتنزلش من عليهم من غير ما حد يحس بيك زي ما انت فاهم
اغلق الخط ، و هو مندهش من هذا القدر الذي يعتقد انه يقف في صفه هذه المرة.
مراد : كان عندي استعداد للقتل لكن الحظ خدمني من غير تدخل مني، قريب جدا هتكوني جنبي هنا و ليا ومحدش هيقدر يحميكي مني بعد انهاردة
تمتم داخله بـ هوس و تملك
ـــــ
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
البارت الثاني
الصورة لحظة ميته ..
يحييها فقط من يسكن فيها او من يلتقطها ...!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7:45 صباحا
يدخل الي غرفتها في المستشفي
بعد ان علم ان والدتها غير موجودة بالغرفه.
نظر اليها يراها نائمة بضعف ، و وجهها شاحب ،
شعر ان قلبه يتمزق من الحزن عليها و علي نفسه ،
فهو اختار سعادتها علي سعادته ،
كان يكفيه ان يعلم انها سعيدة ، و يتابع اخبارها من والدته بهدوء ليطمئن باله.
افاق من تفكيره ، و هو يشعر بها تتحرك في مكانها ،
فخرج قبل ان تفتح عينيها و تراه امامها.
أنصرف خارجاً في هدوء ، ليصل الي سيارته ، ثم توجه الي مدفن شقيقه !!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
قصر البارون
في جناح نادين
تجلس علي الاريكة ، و هي تتحدث في الهاتف مع صديقتها
نادين : عملت كل اللي قولتيلي عليه يا ميرنا ، و في الاخر طردني
ميرنا بدهشة : معقوله .. ماتأثرش خالص .. هو جوزك دا معمول من ايه بالظبط ؟ ازاي وحدة حلوة زيك و ماتأثرش عليه!!
اجابت بحنق : معرفش .. انا زهقت من معاملته الباردة ليا .. انا كل اللي يهمني فلوسه .. و الا مكنتش فضلت علي ذمته لحظة .. خصوصا بعد ما بابي خسر كل فلوسه في البورصه.
هتفت بخبث : شكل كدا في وحدة تانية في حياته ؟
شهقت برعب : تفتكري كدا !! دي تبقي كارثه ، و كل اللي عملته عشان احافظ علي مكاني هنا هيدمر و لو عرف مش هيرحمني !!
ميرنا بخبث اشد : اهدي بس .. اصل مفيش راجل يهمل مراته كدا الا لو في وحدة تانية شغله باله !!
نادين بتفكير : لا ماظنش الجواسيس للي حطاهم في الشركة بيجيبولي اخباره كلها.
ميرنا : تمام ، هتيجي النادي امتي ؟
نادين : مش قبل اسبوع علي الاقل .. ما انتي عارفه الدنيا هنا غامقه ازاي عشان وفاة عمر.
هتفت ميرنا بحسد : ايوه عندك حق بس عارفه مراته دي محظوظة مقعدتش معه كتير و خلفت منه و هتورث من وراه ثروة
صاحت نادين بغيظ : فعلا الجربوعه دي هتبقي سيدة مجتمع
ميرنا : طيب انا هقفل بقا يا حبيبتي عشان لازم انزل بعدين نكمل كلامنا .. باي
نادين : باي
اغلقت الهاتف تفكر بكلام صديقتها .
هل من الممكن ان يفكر ادهم في امرأة اخري ؟
فهي تعرف طبعه البارد ، و لم تراه ينظر لإمرأة منذ زواجهم !!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في المستشفي
فتحت عيناها ، و هي تشعر بآلم حاد في رأسها
، لتتعجب من ذلك المكان حولها ، اخذت عدة لحظات لتعلم انها في مستشفي ، لتبدأ دموعها في النزول عند تذكرها ما حدث انه واقع و ليس كابوس.
تذكرت ان موت زوجها حقيقه تعيشها الان.
اخذت تبكي في صمت ، ولم تستطع التحرك ، سوى حركات جفنيها البطيئة ، ودموعها التي تتساقط دون توقف.
لمحت كارمن ان والدتها تجلس على أريكة أمامها ، افرجت شفتيها محاولة ان تناديها ، ولكن صوتها لا يريد الخروج من حلقها كأن لسانها شُل تماماً عن الحركة .
•••••★•••••★••••
انتبهت مريم الي حركة الفراش ، فنهضت مسرعه تري ابنتها فاقت ، فأخذت تمرر يديها علي شعرها في حنان تطمئنها انها ستصبح بخير ، و راحت تستدعي الطبيب ليراها.
بعد عدة لحظات
دخل الطبيب و معه ممرضة ، و بدأ فحصها
و هو يتحدث مع والدتها بعملية : تمام .. ضغطها بدأ يرجع طبيعي .. و نبضها منتظم .. بعد شوية هتفوق تماما من تأثير المهدئ
مريم : الحمدلله و تقدر تخرج امتي يا دكتور ؟
هتف الطبيب بجدية : مش قبل اسبوع .. و لازم تتابع مع طبيب نفسي دا هيساعدها تتعافي من صدمتها
غادر الطبيب و الممرضة الغرفه ، جلست مريم بجانبها تعانقها بحنان و هي تدعي لها بالشفاء.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في نفس التوقيت
كانت ليلي و يسر في ممرات المستشفي يتوجهون الي غرفه كارمن.
سمعت مريم طرق خفيفاً علي الباب ، فسمحت بالدخول
هتفت ليلي بصوت خفيض : صباح الخير يا مريم
نهضت مريم من مكانها تعانقها بشدة : صباح النور حبيبتي
ثم رحبت بـ يسر ، واتجهو الي الاريكة يجلسون عليها...
يسر : هي عاملة ايه يا طنط دلوقتي؟
مريم : فاقت من شوية و الدكتور قال شوية و تخرج من تأثير المخدر .. بس محتاجة دكتور نفسي يشوفها
يسر : عنده حق يا طنط دا افضل لها
مريم : طمنيني عليكي يا ليلى!!
تساقطت دموع ليلي : ربنا يصبرني يا مريم .. وجود ملك و كارمن هو اللي مهون عليا .. مش مستحملة اشوفها تعبانه قدامي كدا .. انتي عارفه دي بنتي زي ما هي بنتك بالظبط
عانقتها مريم في محاولة لمواساتها و التخفيف عن اوجاعها.
يسر : اتفضلي انتي يا طنط مريم روحي ارتاحي شوية و انا هفضل هنا جنبها
مريم : مقدرش اسيبها يا بنتي و انتي عندك بيتك و ابنك مش عاوزة اتعبك زيادة
يسر : ماتقلقيش يا طنط انا استأذنت من مالك و ياسين عند ماما و بليل حضرتك تيجي تباتي معها و مالك هيعدي عليا يروحني
مريم : ماشي يا حبيبتي ربنا ماميحرمنيش منك
يسر بمحبة : و لا منكم يارب
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مدافن الخاصه بعائلة البارون
يقف ادهم امام مدفن اخيه يقرأ له الفاتحة.
بدأت دموعه في النزول ، و هو يتحدث بصوت خفيض له : الله يرحمك يا عمر .. سامحني
عارف انك زعلان مني دلوقتي .. كان لازم ماروحش ازورها بس ماقدرتش امنع نفسي .. انا بحبها من زمان اوي حاولت كتير ابعدها عن تفكيري و افضل بعيد .. عملت كل حاجة في ايدي .. بس قلبي غلبني المرة دي .. و مش عارف المفروض احكيلهم انك كنت مسافر تعمل عمليه و لا افضل ساكت و مازودش وجعهم عليك ...!!!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور اسبوع غادرت كارمن المستشفي
دخلت كارمن غرفتهما ، وهي تنظر إليها في حزن ، وتخطر في بالها ذكريات جمعتها بينها وبين زوجها في هذه الغرفة.
تحركت منهكة إلى الفراش ، جلست وعيناها مستقرتان على الطاولة التي كانت عليها صورة تجمعهما معًا.
حملت الصورة بأصابعها المرتجفة ، وتحدثت معها بدموع : ليه سيبتني لوحدي .. ما انت عارف اني ماليش غيرك في الدنيا بعد ربنا .. سيبتني لمين .. ازاي هعرف اعيش حياتي من غيرك .. هكمل ازاي لوحدي!!!
نامت وهي تبكي على سريرها ، بينما تعانق الصورة بشدة بين ذراعيها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل اكبر شركات الازياء فى مصر والوطن العربى
"البارون ديزاين" صاحبت اشهر براند " كاميلا "
حيث مكتب فخم جدا بتصميم حديث
نجد أدهم جالساً على كرسيه ، وينظر إلى نافذة مكتبه التي تطل على منظر رائع ، لكنه لا يراه بسبب حزنه على أخيه سمع طرقاً على الباب فسمح له بالدخول.
دخلت سكرتيرة مكتبه ، وكانت تشعر ببعض التوتر بسبب عصبيته الشديدة في ذلك الوقت.
هتف ببرود : في ايه يا مها مش قولت مش عايزك تحوليلي مكالمات او مقابلات ؟
تحدثت مها بإحترام : اسفه يا ادهم بيه استاذ مدحت طالب يقابل حضرتك و بيقول امر مهم !!
اشار لها بالموافقه : تمام دخليه
بعد لحظات ، دخل مدحت الغرفة ، وأشار له أدهم بالجلوس
تحدث مدحت بنبرة حزن صادقه فكان يعتبر عمر مثل اولاده : البقاء الله يا ادهم بيه .. انا طبعا محبتش اتكلم مع حضرتك في العزاء لأن الوقت مكنش مناسب
ظهر بريق حزن في عينيه ، لكنه اختفى قبل أن يلاحظه مدحت ، ثم اؤمأ بجدية : خير يا استاذ مدحت ايه الموضوع المهم ؟
هتف مدحت بعمليه : الموضوع بخصوص وصية عمر بيه
نظر ادهم بدهشة : وصية ايه اللي بتتكلم عنها !!
رد مدحت : وصية كتبها عمر بيه قبل وفاته بفترة ، و تم تسجيلها ، و طلب مني انها ماتتفتحش الا في وجود حضرتك و الوالدة و مدام كارمن و استاذ مالك.
كان يتابع الحديث بإهتمام ، ثم قال بهدوء : تمام يا استاذ مدحت .. امتي تقدر تفتح الوصية دي !!
أجابه مدحت : انا كلمت والدة مدام كارمن و عرفت منها ان صحتها تعبانه الفترة دي و بلغتها بالموضوع و بعد ما تتحسن صحتها هنفتح الوصية عند حضرتك بالقصر
اشار أدهم له بالموافقة وأردف : تمام يا استاذ مدحت شكرا لتعبك
مدحت بإحترام : تحت امرك يا أدهم بيه ، استأذن انا
أدهم : اتفضل مع السلامه.
غادر المحامي يترك ادهم يفكر في محتوي هذه الوصية.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
فى احدى محافظات الصعيد ....
في قصر كبير يغلب عليه الطابع الفرعوني الأصيل ،
ولا يقل جمالاً من الداخل ، وتحديداً في المندرة الشاسعة.
يجلس كبير هذه العائلة ، ويبدو حزيناً على الرغم من جلالته الواضحة وخطوطه الرمادية على ملامحه الشرقية.
يتحدث مع نفسه عما إذا كان ما حدث في الماضي إثماً في حق ابنه الاكبر ، ولا ينكر أن الغضب والعناد كانا سيد الموقف في ذلك الوقت ، ولم يكن معتادًا على معصيته ، فقد كان دائمًا يطيع أوامره.
ربما كان هذا هو سبب تركه ابنه له ، لأنه لم يسمح له بالاختيار من قبل ، لكنه كان دائمًا فخورًا بهذا الولد الطيب.
لكن فات أوان الندم الان ، يدعو الله أن يجد حفيدته ليخفف الألم و الندم الشديد بداخله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظهر ناس مجهولة بالقصه
الفصول اللي جاية هتوضح هما مين و دورهم ايه
♥️♥️♥️♥️♥️♥️♥️
البارت الثالث
ستظل الدنيا هكذا لقاء بلا موعد و فراق بلا سبب ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيلا عمر البارون
داخل فيلا صغيرة بيضاء بتصميم حديث و بسيط بإحدي الاحياء الراقيه الهادئة
في غرفة نوم مظلمة نجد ذلك الجسد الضعيف هادئ علي الفراش لا يصدر له صوت.
تبكي كارمن بصمت ، وتعانق ابنتها بشدة
وعقلها لا يتوقف عن التفكير.
هل مات محب روحها وزوجها العطوف ،
و تركها في الدنيا وحيدة هي و ابنته التي تشبه والدها كثيراً بعيون مشرقة من البراءة والفرح؟
كيف ستواصل حياتها بدونه؟
تدعو الله ان يداوي روحها و يصبرها علي فراقه.
أغمضت عينيها عندما خطرت هذه الذكرى في عقلها
★•••••★•••••★
Flash Back
وقف "عمر" في المطبخ ، و احتضنها إلى صدره من الخلف ، وهو يزيح خصلاتها المتمردة علي جانب عنقها ليقول بهمس : تعرفي يا كوكي أنا بعشقك اوي خليتي لحياتي كلها طعم جميل ... مش خايف من حاجة .. قد ما انا خايف تبعدي عني دلوقت !!
التفتت كارمن اليه و احاطت خصره و شددت من ذراعيها حوله ، ودفنت رأسها بصدره لتهمس له ايضاً : مقدرش ابعد عنك انت الامان بالنسبالي .. كفاية ان ربنا عوضني بيك عن حنان الاب و الاخ و الزوج .. مش عايزة حاجة تانية غيرك من الدنيا.
أكملت كلامها بمشاكسة : و بعدين هبعد عنك و اروح فين ! انا قاعدة على قلبك لا عينك تزوغ كدا ولا كدا
ضحك عمر بمرح : و انا اقدر اصلا دا كفاية الأخبار اللي في التليفزيون عن جرائم قتل الستات لأزوجهم انا مش مستغني عن عمري.
كارمن بإبتسامة ماكرة : برافو عليك حرس على عمرك بقي
همس عمر بصدق : انتي و ملك اغلي حاجة عندي و هفضل عايش عشانكم
ثم غمز لها قائلاً : بحبك اوي .. ماتسيبي الاكل دا و تيجي اقولك كلمة سر قبل ما تصحي ملك
ابتسمت "كارمن" و قبل ان ترد سمعو بكاء تلك الصغيرة ، و معكرة صفو لحظاتهم الجميلة معاً كما يسميها "عمر"
Back
★•••••★•••••★
عادت إلى الواقع على صوت فتح باب غرفتها ، دلفت مريم الحزينة للغاية علي حالة ابنتها منذ ان عادت من المستشفي.
جلست مريم على الطرف الاخر من الفراش بجانب ابنتها قائلة : ادعيله بالرحمة يا حبيبتي هو شايفك دلوقتي و زعلان علي حالك لازم ترضي بإرادة الله هي دي الحياة مفيش شئ دايم
كارمن خرج صوتها مبحوح اثر البكاء : صعب عليا اوي يا ماما .. مش مستوعبة ان اللي انا فيه دلوقتي دا حقيقة .. حاسه انه كابوس و هصحي منه..
تكلمت الام بحنان : من رحمه ربنا علينا يا بنتي ان الاحزان بتتولد كبيرة و مع الوقت بتصغر .. و لازم تهتمي بصحتك انتي لسه خارجة من عملية الزايدة و انهيار عصبي و مش بتأكلي كويس .. لو مش عشان نفسك عشان ملك ...
اقتربت منها تربت على كتفها بحنان واستمرت في قراءة القرآن الكريم لها لتهدأ حتى استغرقت في نوم عميق على صوت والدتها الرقيق.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور اسبوعين
في منزل مالك البارون
استيقظ مالك من نومه علي صراخ طفله ، التفت جانبه لم يري زوجته.
نظر في ساعة الحائط كانت الرابعه فجرا ، رفع الغطاء و هو ينهض متجها الي غرفه ياسين.
دخل ليري يسر تحمل ياسين بين ذراعيها
مالك بخضة : في ايه يا يسر ماله ياسين؟
يسر بحيرة و خوف : مش عارفه يا مالك صحيت علي صريخه بيقولي ان بطنه بتوجعه و بحس حرارته سخن اوي !!
حمل من يديها ياسين يربت على ظهره بحنان : طب هاتيه انا هلبسو و انتي روحي البسي و ناخده المستشفي بسرعه .
يسر : حاضر ...
هرولت يسر الي غرفتها ترتدي ملابسها ، و غادروا الي المستشفي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل المستشفي
مالك يحمل ياسين علي ذراعيه ، و يدخل للطوارئ و معه يسر
بعد فحص الطبيب لياسين : اطمنو يا جماعه مفيش خطر المغص و الحرارة من اكله للحاجات اللي فيها مواد حافظة زي الشيبسي و الكراتيه
يسر : ايوه فعلا يا دكتور دايما ياكل الحاجات دي
الطبيب بعمليه : ممنوع الحاجات دي الفترة الجاية تماما يا مدام .. لازم ياكل اكل صحي و في فيتامينات و يشرب لبن كتير عشان مناعته تقوى ..
انا كتبتلو علي شوية فيتامينات و خافض حرارة و ان شاء الله يبقا كويس.
نظر الطبيب لياسين الذي يعدل ملابسه بمساعدة والده ، وقال بهدوء : و انت يا بطل بلاش شقاوة و تسمع الكلام و لا انت بتحب الحقن
نظر له الصغير بخوف من ذكر الحقن ، و هز رأسه بالرفض
ضحك الطبيب ببشاشة : يبقي مفيش شيبسي و الا هكتبلك علي حقنه كبيرة
هتف ياسين ببراءة : مش هحب الشيبسي تاني
مالك : شكرا ليك يا دكتور بعد اذنك
غادروا المستشفي يتوجهون الي المنزل بعد ان اشتري مالك الادوية
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
صباح يوم جديد
في قصر البارون
استيقظ "أدهم" في الثامنة صباحاً وحده بجناحه ، وفلم يعد يتقاسم الغرفة مع زوجته منذ فترة طويلة.
فرك وجهه يخرج من النعاس ، والتعب من السهر لا ينام جيداً ، وكيف ينام وهو يشعر بكل هذا الحزن لفقدان أخيه.
يظهر للجميع كم هو متين ومتماسك من الخارج ، والعكس تماما بداخله ، يتنهد بقوة ، يزيل الغطاء عنه ويخفض قدميه على الأرض ليقف منتصباً متوجهاً إلى الحمام الملحق داخل غرفته ، آخذاً حمامه الصباحي.
دخل الصالة الرياضية وقام ببعض التمارين لتنشيط جسده كالمعتاد ، ثم ذهب إلى غرفة الملابس وأخرج بدلته السوداء ولبس ملابسه وساعته وحذائه.
وقف أمام المرآة ، يرتب خصلاته الناعمة بأصابعه ، ويضع عطره الخاص ، ويتجه للخارج ، جاهزًا ليوم حافل بالعمل.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
نزل على درج القصر الكبير الذي كان يسوده الهدوء والسكون.
ذهب إلى غرفة الطعام ، ليرى والدته تجلس امام الطعام ولم تأكل شئ
هتف ادهم بصوته الرخيم : صباح الخير علي ست الحبايب
ابتسمت ليلي ببشاشه : صباح النور يا حبيبي
اقترب منها مقبلاً يديها و جلس بجوارها ، قائلا بإهتمام : اكلك مش عجبني يا امي ماتنسيش انك بتاخدي ادوية قوية لازم تاكلي كويس
تحدث بنبرة لوم و هو يشير الي الصحن الذي امامها
ربتت علي يديه وقالت بحنان : هفطر اذا فطرت معايا الاول قبل ما تروح الشركة
ابتسم ادهم لها وقال : امرك يا ست الكل
نظرت اليه كأنها تذكرت شئ لتقول بهدوء : ادهم انا هروح اشوف كارمن انهاردة البنت حالها كل يوم بيسوء و هي لسه قايمة من عملية من مدة بسيطة و بعدها انهيار عصبي ربنا يكون في عونها.
اشار بالموافقة قائلا ببرود : تمام يا امي .. و بلغيني لما تتحسن صحتها عشان ارتب مع المحامي يجي يفتح وصية عمر الله يرحمه.
في ذلك الوقت ، كانت نادين تقف عند باب الغرفة ، تستمع إلى ما يقولونه بداخلها ،
فهي تتجنب الجلوس مع ادهم منذ ان طردها من غرفته ، لتخاطب نفسها سراً : يا تري الوصية دي فيها ايه يا عمر مش مطمنه بس يا خبر بفلوس بكرا يبقي ببلاش
عندما شعرت بأقدام تسير نحو الباب غادرت مسرعه الي الأعلي.
خرج ادهم من القصر متجها الي سيارته الخاصه التي يقودها بنفسه ، وبدأ ان يتحرك وسيارة كبيرة بها مجموعه الحرس الخاص به ورائه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★••••••★•••••★
في شركة البارون ديزين
دخل "مالك" مكتب "ادهم" بعد ان دق الباب سامحاً له بالدخول
أدهم بدهشة : جاي متأخر انهاردة مش عادتك ...!
مالك بتعب : ياسين سخن الفجر ،
و اخدنه المستشفي بعد ما فضحنا بعياطه
أدهم : و هو اخباره ايه دلوقتي ؟
مالك : تمام الدكتور كتبلو علي خافض حرارة و فيتامينات ، الباشا مش بيبطل اكل الشيبسي
ابتسم أدهم بحزن، و شرد بتفكيره في حالة عقمه الذي علم به منذ سنوات افاق من شروده علي صوت مالك : روحت فين يا ادهم
أدهم : معاك !!
احس بما يفكر به صديقه المقرب ،
فشعر بالحزن عليه رغم قناع الجليد الذي يرتديه دائماً ، فقال بتساءل : لسه مش عايز تفكر بالعلاج مافيش شئ دلوقتي الا و له حل و ربنا قادر علي كل شئ
رد أدهم بجمود : ونعم بالله .. كل شئ و له وقته !!
قال مالك بحيرة : اللي مستغرب منه ازاي نادين كان رد فعلها انها تكمل معاك .. و هي متأكدة انك مش بتحبها و عارفه سبب جوازك منها عشان مركز ابوها..
ابتسم ادهم قائلا بتهكم : عشان الفلوس هي مش تهمها الخلفه و الأطفال قد ما بتحب الفلوس .. و طول ما في فلوس هي موجودة مش بتفكر غير في النوادي و سهر و الخروج و الشوبنج..
مالك : و انت ايه مصبرك عليها لحد دلوقتي و انت فاهمها كدا..؟
أدهم : بستمتع باللعبة و هي فارقه موجودة او لا .. كله زي بعضو..
مالك : طيب انا هرجع علي شغلي.
غادر مالك الي عمله و عاد ادهم الي الاوراق التي أمامه.
تصميمي حلو و لا لا....