
رواية رحلتي مع القدر
الفصل السادس والثلاثون 36
بقلم مجهول
بإتقان، وتُزيّنها روح الألفة التي جمعت بينهما في ذلك المطبخ الصغير. غير أن تلك اللحظات لم تدم طويلًا، إذ دخلت ليان فجأة، وملامحها مشدودة كأنها تحمل عاصفة.
رمقت يارا بنظرة باردة وقالت بلهجة لا تخلو من تهكم:غريب، ما توقعت ألاقيكِ في المطبخ… ظنيت إنك تكرهين الفوضى.
ساد صمت مفاجئ، واختفت الابتسامة عن وجه يارا، فيما خفت ضحكة شمس تدريجيًا. نظرت يارا إلى شمس كأنها تبحث عن تفسير، لكن الأخيرة اكتفت بهزّ كتفيها، وغيّرت الموضوع بحذر.
شعرت يارا بانقباض في صدرها، كأن كلمات ليان سحبت منها الهواء. لم تكن تتوقع هذا الهجوم المفاجئ، خاصة في لحظة كانت تشعر فيها بالراحة.
نظرت إلى ليان بجمود، ثم قالت بهدوء متصنع:أنا اما كنت أدري إنك مسؤولة عن تحديد وين مكاني.
ارتفعت حاجبا ليان بتحدٍ، لكنها لم ترد. بدت وكأنها تستمتع بتوتير الأجواء. أما شمس، فحاولت التخفيف من التوتر بابتسامة باهتة وقالت:يلا نكمل الطبخة، كانت راح تحترق من الثرثرة دي!
لكن يارا لم تضحك هذه المرة. بدأت تقلب المكونات بصمت، بينما أفكارها تدور حول سبب تصرف ليان بهذه الطريقة. هل هو غيرة؟ ضيق من قربها لشمس؟ أم أن هناك شيئًا لم تفهمه بعد؟
وفي تلك اللحظة، شعرت يارا أن المطبخ لم يعد كما كان قبل دقائق، وأن الطمأنينة التي كانت تملأه تبعثرت بمجرد دخول ليان. ومع ذلك، عزمت أن لا تسمح لها بأن تسحبها إلى دوامة توتر لا تفهمها، وقررت أن تتصرف بعقل، لكنها لن تنسى.
مرت دقائق ثقيلة، والصمت يملأ المكان، تقطعه أصوات تقليب الطعام وتنهيدة خافتة من شمس بين الحين والآخر. كانت يارا تحاول التماسك، لكنها شعرت أن شيئًا ما بداخلها ينكسر.
فجأة، رمت ليان منشفتها على الطاولة وقالت بحدة:بصراحة، زهقت من تمثيل البراءة! كل مرة ألاقيكِ تسرقين أقرب الناس ليّ وكأنكِ تحاولين تحلي مكان مش لك.
تجمدت يارا في مكانها، وحدقت في ليان بعينين اتسعتا من الصدمة، ثم همست:سرقة؟ إيش اللي تقولينه؟
تدخلت شمس أخيرًا، وقد بدا الغضب على ملامحها:ليان! بلاش كلام فاضي؟ من متى صرنا نوزع اتهامات؟ يارا ما سوت شي… ولو عندك شي تقولي، قولي لي أنا مو تفجّري غضبك فيها.
ضحكت ليان بسخرية، لكن عينيها لمع فيهما ألم دفين:
"طبعًا راح تدافعين عنها، دايمًا تدافعين. نسيتي كيف كنا أنا وانتي أول؟ قبل ما تدخل هي؟"
ساد صمت مشحون، وشعرت يارا أن قلبها !