
رواية رحلتي مع القدر
الفصل الواحد والاربعون 41
بقلم مجهول
حياتي
وتاني يوم رجعت يارا من المستشفى حضنتها أمها وقالتلها:نور البيت يا بنتي، رجعتيلي يا روحي...
يارا دخلت، نفس ريحة البيت... ياسمين، وبخور، وضحكة أمها. راحت قعدت على الكنبة القديمة، حست إنها رجعت طفلة، لسه بتحلم وماخدتش من الدنيا كفايتها.
وفي نفس اللحظة، كانت روعة، بنت خالتها، واقفة في البلكونة بتبص ع البحر، وقلبها مشغول. من يوم ما عرفت إن فيه عريس جاي يشوفها، وهي مش مرتاحة، بس في حاجة في صوت أمها خلاها توافق تشوفه.
أما فهد، ابن الجيران، فكان واقف على الناصية، بيشرب قهوته من الكشك الصغير، وبعينه بيدوّر على سلمى، اللى بتمشي الساعة دي كل يوم. كان عارف إنها مش بتشوفه، بس هو شايفها وبس.
كان يوم جديد في إسكندرية، والجو ناعم كأنه بيهمس بحكايات زمان. إياد، الشاب الهادئ واللي قلبه مليان أمل رغم تعب الأيام، كان ماشي على كورنيش البحر وهو بيحلم برحلة حب جديدة. كان لابس جلابية بسيطة وقبعته محطوطة على راسه، وكأنه بيحاول يلاقي شوية دفء وسط نسمة البحر الباردة.
على نفس الممر، كانت روعة واقفة على البلكونة الصغيرة في البيت القديم، بتتفرج في البحر وكأنها بتعدي دقايق من عمرها. كانوا حواليها ورود البرتقال ورشة رياح بتنعش المكان. فجأة، شافها إياد من بعيد، وقلبه وقف لحظة. حس إن عينيها الواسعة بتلمع كأنها نجوم بتدعي للدنيا تصحى.
اتقرب إياد بخطوات محسوبة، وكل خطوة كانت بتحكي إنه من يوم ما شاف عيون روعة وهو حاسس بوجود حاجة غريبة جواه. وصل قدام البيت، ولما فتحت له روعة الباب، حس إنه دخل عالم تاني، عالم كله هدوء وجمال.
صباح الخير قالها بصوت فيه خجل وحماس متداخلين،
صباح النور ردت روعة بابتسامة خفيفة، وعيونها كانت بتقول إن في حكاية حقيقية بتبدأ.
في اللحظة دي، البحر كان بيرفرف ونسمة الهوا كانت بتداعب الوش، وكأنهم بيشهدوا أول نظرة بين قلبين كانوا محتاجين لبعض رغم العواصف اللي مروا بيها.
كان صوت نوارس البحر بيحيي المهرجان الساحر اللي كان بيجمع الماضي والحاضر في مكان واحد.
إياد حس إنه مش قادر يشيل عينه من على روعة، وبدأ قلبه ينطق بصمت بكلمة إن شاء الله، نكون مع بعض.
لكن جمال الإسكندرية كان بيدّي قوة، وحس إن البحر وصدى حكاياته معاهم في كل خطوة.
قلب بيصحى…
كانت روعة قاعدة قدّام إياد، بتسمعه وهو بيحكى.